يعني القامر. و قيل أخذ من التجزءة، لأن کل شيء جزّأته، فقد يسرته، و الياسر: الجازر. و الميسر: الجزور. و قيل الميسر مأخوذ من اليسر، و هو تسهل الشيء، لأنهم- كانوا- مشتركون في الجزور، ليسهل أمرها إلا أنه المعني الجهة: القمار.
و قوله: «قُل فِيهِما إِثمٌ كَبِيرٌ وَ مَنافِعُ لِلنّاسِ» فالنفع الّتي في الخمر: ما كانوا يأخذونه في أثمانها، و ربح تجارتها، و ما فيها من اللذة بتناولها: أي فلا تغترّوا بالنفع فيها، فالضرر أكثر منه. و قال الحسن، و غيره: هذه الآية تدل علي تحريم الخمر، لأنه ذكر أن فيها إثماً، و قد حرم اللّه الإثم بقوله: «قُل إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنها وَ ما بَطَنَ وَ الإِثمَ»[1] علي أنه قد وصفها بأن فيها إثماً كبيراً و الكبير يحرم بلا خلاف.
و قال قوم: المعني و إثمهما بعد تحريمهما أكبر من نفعهما قبل تحريمهما. و قال آخرون: المعني إن الإثم بشرب هذه، و القمار بها أكبر و أعظم، لأنهم كانوا إذا استكروا وثب بعضهم علي بعض، و قاتل بعضهم بعضاً. و قال قتادة: لا تدل الآية علي تحريمهما، و إنما تدل الآية الّتي في المائدة في قوله: «إِنَّمَا الخَمرُ وَ المَيسِرُ»[2] الي آخرها. و وجهه قتادة علي أنه قد يكثر فيهما «إِثمٌ كَبِيرٌ».
و قوله: «يَسئَلُونَكَ ما ذا يُنفِقُونَ» قال السدي: نسخته آية الزكاة. و قال مجاهد: هو فرض ثابت. و قال قوم: هو أدب من اللّه ثابت غير منسوخ، و هو الأقوي، لأنه لا دليل علي نسخها.
و «العفو» هنا قيل في معناه ثلاثة أقوال:
قال إبن عباس، و قتادة: هو ما فضل عن الغني.
و قال الحسن، و عطا: هو الوسط من غير إسراف و لا إقتار.
و قال مجاهد: هو الصدقة المفروضة.