نام کتاب : تفسير التبيان نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 2 صفحه : 189
و قوله: «وَ إِلَي اللّهِ تُرجَعُ الأُمُورُ» لا يدلّ علي أن الأمور ليست إليه الآن و في کل وقت. و معني الآية الاعلام في أمر الحساب، و الثواب، و العقاب أي إليه، فيعذب من يشاء، و يرحم من يشاء، فلا حاكم سواه. و يحتمل أن يکون المراد: أنه لا أحد ممن يملك في دار الدنيا إلا و يزول ملكه ذلک اليوم.
و شبهت الأهوال بالظلل من الغمام، کما قال: «مَوجٌ كَالظُّلَلِ»[1] و معني الآية: ما ينظرون- يعني المكذبين بآيات اللّه- محمداً و ما جاء به من القرآن و الآيات إلا أن يأتيهم أمر اللّه و عذابه «فِي ظُلَلٍ مِنَ الغَمامِ وَ المَلائِكَةُ»، فهل بمعني (ما)، کما يقول القائل: هل يطالب بمثل هذا إلا متعنت أي ما يطالب. و ينظرون- في الآية- بمعني ينتظرون. و قد يقال: أتي و جاء فيما لا يجوز عليه المجيء، و الذهاب، يقولون أتاني وعيد فلان، و كلام فلان، و کل ذلک لا يراد به الإتيان الحقيقي قال الشاعر:
أتاني كلام من نصيب يقوله و ما خفت يا سلّام أنك عائبي[2]
و قال آخر:
أتاني نصرهم و هم بعيد بلادهم بلاد الخيزران[3]
فكأن المعني في الآية: إن النّاس في الدنيا يعتصم بعضهم ببعض، و يفزع بعضهم الي بعض في الكفر و العصيان، فإذا کان يوم القيامة انكشف الغطاء، و أيقن الشاك، و أقرّ الجاحد، و علم الجاهل، فلم يعصم أحد من اللّه أحداً، و لم يكن له من دون اللّه ناصر، و لا من عذابه دافع، و علم الجميع أن الأمر كله للّه.