و الثاني- الإسلام دون الكفر. و أصل الدين العادة في قول الشاعر:[1]
تقول إذا درأتُ لها وضيني أ هذا دينه أبداً و ديني[2]
و قال آخر:
كدينك من أم الحويرث قبلها و جارتها أم الرباب بما سل[3]
و قد استعمل بمعني الطاعة في قوله تعالي: «ما كانَ لِيَأخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ المَلِكِ»[4] و استعمل بمعني الإسلام، لأن الشريعة فيه يجب أن تجري علي عادة قال اللّه تعالي: «إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسلامُ»[5].
و قوله: «فَإِنِ انتَهَوا» معناه امتنعوا من الكفر و أذعنوا بالإسلام، «فَلا عُدوانَ إِلّا عَلَي الظّالِمِينَ» أي فلا قتل عليهم، و لا قتل إلا علي الكافرين المقيمين علي الكفر، و سمي القتل عدواناً مجازاً من حيث کان عقوبة علي العدوان، و الظلم، کما قال: «فَمَنِ اعتَدي عَلَيكُم فَاعتَدُوا عَلَيهِ»[6] و کما قال «وَ جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثلُها»[7] و کما قال: «وَ إِن عاقَبتُم فَعاقِبُوا»[8] و حسن ذلک لازدواج الكلام، و مزاوجته هاهنا علي المعني، لأن تقديره «فَإِنِ انتَهَوا» عن العدوان، «فَلا عُدوانَ إِلّا عَلَي الظّالِمِينَ». فان قيل: أ يجوز أن تقول لا ظلم إلّا علي الظالمين کما جاز «فَلا عُدوانَ إِلّا عَلَي الظّالِمِينَ»! قلنا: علي القياس لا يجوز، لأن ذلک مجاز، و المجاز لا يقاس عليه- عند المحصّلين- لئلا تلتبس الحقيقة بالمجاز. و إنما جاز في المزاوجة، لأن الكلام