رحيم و إن لم ينتهوا، الجواب: إن معناه فان اللّه غفور لهم رحيم بهم، و يجوز فان اللّه يغفر لهم، لأنه غفور رحيم، و اختصر الكلام لدلالة ما تقدم علي أنه في ذكرهم و إن ألذي اقتضي انتهاءهم إنما هو ذكر المغفرة لهم، فكان الدلالة عليها بغير إفصاح عنها أحسن لما في ذلک من الإيجاز، و الاحالة علي الاستدلال لتمكين الاشعار لمتضمن الكلام، و المغفرة: تغطيه الذنب بما يصير به بمنزلة غير الواقع في الحكم.
وَ قاتِلُوهُم حَتّي لا تَكُونَ فِتنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَوا فَلا عُدوانَ إِلاّ عَلَي الظّالِمِينَ (193)
آية.
هذه الآية ناسخة للأولي الّتي تضمنت النهي عن القتال عند المسجد الحرام حتي يبدءوا بالقتال فيه، لأنه أوجب قتالهم علي کل حال حتي يدخلوا في الإسلام في قول الجبائي، و الحسن، و غيره، و علي ما حكيناه عن إبن عباس، و عمر إبن عبد العزيز: أن الأولي ليست منسوخة، فلا تكون هذه ناسخة بل تكون مؤكدة،
و الفتنة الشرك في قول إبن عباس، و قتادة، و مجاهد، و الربيع، و إبن زيد، و هو المروي عن أبي جعفر (ع) .
و إنما سمي الكفر فتنة، لأن الكفر يؤدي الي الهلاك کما تؤدي الفتن الي الهلاك، و لأن الكفر إظهار الفساد عند الاختبار، و الفتنة إنما هي الاختبار. و الدين هاهنا قيل في معناه قولان:
أحدهما- الإذعان للّه بالطاعة کما قال الأعشي:
هو دانَ الرباب إذ كرِهوا هو الدّ ين دراكا بغزوة و صيال[1]