و قوله «و إن لك» خطاب للنبي صلي اللّه عليه و آله يقول له «وَ إِنَّ لَكَ» يا محمّد «لَأَجراً» أي ثواباً من اللّه علي قيامك بالنبوة و تحملك بأعبائها «غَيرَ مَمنُونٍ» أي غير مقطوع من قولهم منه السير يمنه مناً إذا قطعه، و يقال: ضعفت منتي عن السفر، و رجل منين أي ضعيف، و يجوز ان يکون المراد به إنه غير مكدر بالمن ألذي يقطع عن لزوم الشكر، من قولهم: المنة تكدر الصنيعة. و قال الحسن: معناه لا يمن عليك بأجرك. ثم وصف النبي صلي اللّه عليه و آله فقال «وَ إِنَّكَ» يا محمّد «لَعَلي خُلُقٍ عَظِيمٍ» قال الحسن: علي دين عظيم، و هو الإسلام. و قيل أدب القرآن. و قال المؤرج:
معناه علي دين عظيم بلغة قريش. و قالت عائشة: كانت خلق النبي صلي اللّه عليه و آله ما تضمنه العشر الاول من سورة (المؤمنون)، فالخلق المرور في الفعل علي عادة، فالخلق الكريم الصبر علي الحق و سعة البذل، و تدبير الأمور علي مقتضي العقل. و في ذلک الرفق و الأناة و الحلم و المداراة. و من وصفه اللّه بأنه علي خلق عظيم فليس وراء مدحه مدح. و قيل: و إنك لعلي خلق عظيم بحكم القرآن و کل ذلک عطف علي جواب القسم.
و قوله «فَسَتُبصِرُ وَ يُبصِرُونَ» معناه فستعلم يا محمّد يوم القيامة و يعلمون، يعني هؤلاء الكفار الّذين يرمونك بالجنون تارة و بالكهانة أخري «بِأَيِّكُمُ المَفتُونُ»