نام کتاب : تفسير التبيان نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 10 صفحه : 221
من کل مجتلب شديد أسره سلس القياد تخاله مختالا[1]
و اصل الأسر الشد، و منه قتب مأسور أي مشدود، و منه الأسير، لأنهم كانوا يشدونه بالقيد، و جاء في التفسير و شددنا مفاصلهم. ثم قال (وَ إِذا شِئنا بَدَّلنا أَمثالَهُم تَبدِيلًا) معناه إذا شئنا أهلكنا هؤلاء و أمثالهم و جئنا بقوم آخرين بدلهم نخلفهم و نوجدهم.
و قوله (إِنَّ هذِهِ تَذكِرَةٌ) قال قتادة: معناه إن هذه السورة تذكرة، و التذكرة دلالة تخص بها المعاني الحكمية، و کل موعظة تدعو إلي مكارم الأخلاق و محاسن الافعال تذكرة (فَمَن شاءَ اتَّخَذَ إِلي رَبِّهِ سَبِيلًا) أي اتخذ إلي رضا ربه طريقاً بأن يعمل بطاعته و ينتهي عن معصيته، و ذلک يدل علي انه قادر علي ذلک قبل ان يفعله بخلاف ما يقوله المجبرة.
و قوله (وَ ما تَشاؤُنَ إِلّا أَن يَشاءَ اللّهُ) أي و ليس تشاؤن شيئاً من العمل بطاعته و بما يرضاه و يوصلكم الي ثوابه إلا و اللّه يشاؤه و يريده لأنه يريد من عباده أن يطيعوه، و ليس المراد أن يشاء کل ما يشاؤه العبد من المعاصي و المباحات، لان الحكيم لا يجوز أن يريد القبائح و لا المباح، لان ذلک صفة نقص و يتعالي اللّه عن ذلک. و قد قال اللّه تعالي (يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ اليُسرَ وَ لا يُرِيدُ بِكُمُ العُسرَ)[2] و المعصية و الكفر من أعظم العسر فكيف يکون اللّه تعالي مشيئاً له و هل ذلک إلا تناقض ظاهر!؟ و قوله (إِنَّ اللّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً) اخبار بأنه- عز و جل- کان عالماً بجميع المعلومات و بما يفعله عباده من الطاعة و المعصية (حكيماً) في جميع ما يفعله و يأمر به.