نام کتاب : تفسير التبيان نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 10 صفحه : 187
فهؤلاء اعتقدوا ان الخبر بكون يوم الدين كذب. و الدين الجزاء، و هو الإيصال إلي کل من له شيء او عليه شيء ما يستحقه، فلذلك يوم الدين، و هو يوم الجزاء و هو يوم أخذ المستحق بالعدل. و قوله (حَتّي أَتانَا اليَقِينُ) معناه حتي جاءنا العلم و اليقين ألذي يوجد برد الثقة به في الصدر أو دليله، يقال: وجد فلان برد اليقين و ثلج في صدره، و لذلك لا يوصف اللّه تعالي بأنه متيقن، فقال اللّه تعالي لهم «فَما تَنفَعُهُم شَفاعَةُ الشّافِعِينَ» الّذين يشفعون لهم، لأن عذاب الكفر لا يسقطه اللّه بالشفاعة، بالإجماع. ثم قال «فَما لَهُم عَنِ التَّذكِرَةِ» أي أي شيء لهم! و لم أعرضوا و تولوا عن النبوة و الرشد!؟ و لم يتعظوا به إلي ان صاروا الي جهة الضلال علي وجه الإنكار عليهم. ثم شبههم، فقال «كَأَنَّهُم حُمُرٌ مُستَنفِرَةٌ» أي مثلهم في النفور عما تدعوهم اليه من الحق و اعراضهم، مثل الحمر إذا نفرت و مرت علي وجهها إذا «فَرَّت مِن قَسوَرَةٍ» و هو السبع يعني الأسد، يقال نفر، و استنفر، مثل علا متنه و استعلاه و سمع إعرابي رجلا يقرأ (كَأَنَّهُم حُمُرٌ مُستَنفِرَةٌ) فقال: طلبها قسورة، فقيل له:
ويحك إن في القرآن (فَرَّت مِن قَسوَرَةٍ) قال (مستنفرة) إذاً، فالفرار الذهاب عن الشيء خوفاً منه، فر يفر فراً و فراراً، فهو فار إذا هرب و الفار الهارب.
و الهرب نقيض الطلب، و اصل الفرار الانكشاف عن الشيء، و منه فر الفرس يفره فراً إذا كشف عن سنه. و القسورة الأسد. و قيل: هو الرامي للصيد. و أصله الأخذ بالشدة من قسره يقسره قسراً أي قهره. و قال إبن عباس: القسورة الرماة و قال سعيد بن جبير: هم القناص. و في رواية أخري عن إبن عباس: جماعة الرجال و قال ابو هريرة: هو الأسد. و هو قول زيد بن اسلم، و في رواية عن إبن عباس و أبي زيد: القسور بغير هاء تأنيث.