هم أطفال المؤمنين. و قوله (يَتَساءَلُونَ) أي يسأل بعضهم بعضاً (عَنِ المُجرِمِينَ) العصاة في طاعة اللّه، فيقولون لهم (ما سَلَكَكُم فِي سَقَرَ) أي ما أدخلكم في جهنم فالمجرم هو القاطع بالخروج عن أمر اللّه و نهيه الي ارتكاب الكبائر من القبيح، و الجارم القاطع. و السلوك الدخول. و سقر اسم من اسماء جهنم. ثم حكي ما يجيبهم به اصحاب النار فإنهم يقولون لهم: أدخلنا في النار لأنا (لَم نَكُ مِنَ المُصَلِّينَ) أي لم نك نصلي ما أوجب علينا من الصلاة المفروضة علي ما قررها الشرع، و في ذلک دلالة علي ان الإخلال بالواجب يستحق به الذم و العقاب، لأنهم لم يقولوا انا فعلنا تركاً للصلاة بل علقوا استحقاقهم للعقاب بالإخلال بالصلاة و فيها دلالة علي أن الكفار مخاطبون بالعبادة لان ذلک حكاية عن الكفار بدلالة قوله في آخر الآية (وَ كُنّا نُكَذِّبُ بِيَومِ الدِّينِ).
و قوله (وَ لَم نَكُ نُطعِمُ المِسكِينَ) أي لم نكن نخرج الزكوات الّتي وجبت علينا، و الكفارات الّتي يلزمنا دفعها الي المساكين. و هم الفقراء، فالمسكين ألذي سكنته الحاجة الي ما في ايدي النّاس عن حال النشط. و حال الفقير أشد من حال المسكين. قال اللّه تعالي (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَت لِمَساكِينَ يَعمَلُونَ فِي البَحرِ)[1] فسماهم اللّه مساكين مع أن لهم مركباً في البحر قال الشاعر:
أنا الفقير ألذي كانت حلوبته وفق العيال فلم يترك له سبد[2]
(وَ كُنّا نَخُوضُ مَعَ الخائِضِينَ) قال قتادة: معناه كلما غوي غاوياً لدخول في الباطل غوينا معه أي كنا نلوث أنفسنا بالمرور في الباطل كتلويث الرجل بالخوض فلما کان هؤلاء يخرجون مع من يكذب بالحق مشيعين لهم في القول كانوا خائضين معهم (وَ كُنّا) مع ذلک (نُكَذِّبُ بِيَومِ الدِّينِ) اي كنا نجحد يوم الجزاء و هو يوم القيامة، فالتكذيب تنزيل الخبر علي انه كذب باعتقاد ذلک فيه أو الحكم به،