«بَل مِلَّةَ إِبراهِيمَ حَنِيفاً» حجة علي وجوب اتباع ملة ابراهيم إذ كانت سليمة من التناقض. و کان في اليهودية و النصرانية تناقض، و ذلک لا يکون من عند اللّه فصارت ملة ابراهيم أحق بالاتباع من غيرها. و التناقض في اليهودية مثل منعهم من جواز النسخ مما في التوراة مما يدل علي جواز ذلک و امتناعهم من العمل بما تقدمت به البشارة في التوراة من اتباع النبي الامي مع اظهارهم التمسك بها، و امتناعهم من الإذعان لما[1] دلت عليه المعجزة: من نبوة عيسي، و نبوة محمّد (ص) مع إقرارهم بنبوة موسي من أجل المعجزة الي غير ذلک من انواع التناقض. و أما النصاري أب و إبن و روح قدوس إله واحد مع زعمهم ان الأب ليس هو الابن و ان الأب إله و الابن إله و روح القدس إله. فإذا قيل لهم قولوا ثلاثة آلهة امتنعوا من ذلک. الي ما يصفون به الباري تعالي مما[2] يوجب الحاجة و الحدث. و يقولون:
مع ذلک انه قديم لم يزل الي غير ذلک من مناقضاتهم الّتي لا تحصي كثيرة، و هي موجودة في الكتب عليهم نبهنا علي جملها. و أما الحنيفية فهي الاستقامة. و انما قيل للذي يقبل بإحدي قدميه علي الاخري أحنف تفاؤلا بالسلامة کما قيل للهلكة:
مفازة تفاؤلا بالفوز، و النجاة، و هو قول الرياشي و إبن قتيبة، و اهل اللغة. و قال الزجاج: أصله الميل، و ابراهيم حنيف الي دين الإسلام، و قال: العادل الي دين