منهم، لأنه لو اراده منهم و خلقه فيهم لما قال ذلک. کما لا يحسن أن يقول: لم كنتم سوداً و بيضاً و طوالا و قصاراً. و قوله: و هي دخان. فالذي روي في الاخبار أن اللّه تعالي لما خلق الإرض، خلقها بعد الماء فصعد منه بخار و هو الدخان، فخلق اللّه منه السماوات و ذلک جائز لا يمنع منه مانع. و قوله: (وَ هُوَ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ) معناه عالم و فيه مبالغة. و انما أراد اعلامهم أنه لا يخفي عليه شيء من أفعالهم الظاهرة و الباطنة، و السر و العلانية.
وَ إِذ قالَ رَبُّكَ لِلمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الأَرضِ خَلِيفَةً قالُوا أَ تَجعَلُ فِيها مَن يُفسِدُ فِيها وَ يَسفِكُ الدِّماءَ وَ نَحنُ نُسَبِّحُ بِحَمدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعلَمُ ما لا تَعلَمُونَ (30)
قال أبو عبيدة: (إذا) زائدة. و التقدير (قال ربك للملائكة). و هي تحذف في مواضع. قال الأسود بن يعمر:
و إذا و ذلک لا مهاة لذكره و الدهر يعقب صالحاً بفساد[1]
معناه و ذلک لا مهاة لذكره. قال عبد مناة بن مربع و قيل: إبن ربع الهذلي
حتي إذا أسلكوهم في قتائدةٍ شلًا کما تطرد الجمالة الشردا[2]
و معناه حتي اسلكوهم. و القتائدة: الموضع ألذي فيه قتاد[3] كثير. و الشل الطرد. و الجمالة: الجمالون. و الشرد الإبل الّتي تشرد عن مواضعها، و تقصد غيرها و تطرد عنها. و هذا ألذي ذكره ليس بصحيح، لأن إذا: حرف يأتي بمعني الجزاء و يدل علي مجهول من الوقت. و لا يجوز إبطال حرف کان دليلا علي معني في الكلام