ان دراسه مقارنه لتاريخ عمليات
التطور فى مختلف المجتمعات، يوضح أن كل مجتمع يبدأ فيه هذا التطور فكريا على شكل
بذور متفرقه فى أرضيه ذلك المجتمع و تتلاقى هذه البذور، فتكون تيارا فكريا، و
تتحدد بالتدريج معالم هذا التيار، و تتضج فى داخله القياده التى تتزعمه، حتى يبرز
على المسرح كواجهه لجزء يعيش فى المجتمع، تناقض الواجهه الرسميه التى يحملها
المجتمع، و من خلال الصراع يتسع هذا التيار حتى يسيطر على الموقف.
خلافا
لذلك نجد أن محمدا صلى اللّه عليه و آله فى تاريخ الرساله الجديد لم يكن حلقه من
سلسله، و لم يكن يمثل جزءا من تيار، و لم تكن للأفكار و القيم و المفاهيم التى جاء
بها بذور أو رصيد فى أرضيه المجتمع الذى نشأ فيه، و أما التيار الذى تكون من صفوه
المسلمين الأوائل على يد النبى، فقد كان من صنع الرساله و القائد، و لم يكن هو
المناخ المسبق الذى ولدت فيه الرساله و تكون القائد، و من أجل ذلك نجد أن الفارق
بين عطاء النبى، و عط أى واحد من هؤلاء، لم يكن فارق درجه كالفوارق التى تبدو بين
بذره و أخرى من البذور التى تكون التيار الجديد، بل كان فارقا أساسيا لاحد له، و
هذا يبرهن على أن محمدا لم يكن جزءا من تيار، بل كان التيار الجديد جزءا منه.
من
ناحيه ثالثه: يبرهن التاريخ على أن القياده الفكريه و العقائديه و الاجتماعيه
لتيار جديد، اذا تركزت كلها فى محور واحد، من خلال حركه تطور فكرى و اجتماعى معين،
فلا بد أن يكون فى هذا المحور من القدره و الثقافه و المعرفه ما يتناسب مع ذلك، و
لا بد من أن يكون تواجدها فيه