نام کتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية نویسنده : المحسني، الشيخ محمد آصف جلد : 1 صفحه : 242
حدوثه شخصا و نوعا.
و
أيضا الحروف المسموعة من الموجودات الغير القارة، و لا يمكن جمع حرفين منهما في آن
واحد، فلا بدّ من الترتّب بينهما، و لا شكّ أن الحروف المسبوق المتأخّر عن السابق
حادث، فكذا السابق فإنه سابق عليه بزمان محدود، و المتقدّم على الحادث بمقدار
محدود حادث بالضرورة. كلّ ذلك واضح لا سترة عليه، و قد نصّ عليه القرآن الكريم
أيضا حيث قال: ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث[1] و
قال: و ما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث[2].
و
مع ذلك فالحنابلة- أتباع أحمد بن حنبل، من أهل السنة- ادّعوا أن كلامه حرف و صوت
يقومان بذاته تعالى، و أنه قديم، و قد بالغوا فيه حتى قال بعضهم جهلا: الجلد و
الغلاف قديمان فضلا عن المصحف[3]. سبحانك
عن هذه الضلالة العظيمة.
و
أمّا الكراهية فهم و إن خالفوا هؤلاء في قدم الكلام و قالوا بحدوثه، لكنّهم
وافقوهم في قيامه بذاته تعالى لتجويزهم قيام الحوادث به[4]،
لكن سيأتي بطلان هذا التجويز و أن قيام الحوادث و حلولها به تعالى ممتنع عقلا.
و
من هنا اخترع الأشاعرة الكلام النفسي ليصحّ قيامه بذاته و لا يلزم منه ما ذكره
الكرامية، فكأن هؤلاء الاحزاب لم يصلوا إلى الحقّ أصلا، و لم يفهموا أن الحروف لا
تصير قديمة، و أن الحادث لا يحلّ فيه تعالى، و أن قيام الحادث به لا يستلزم الحلول
حتى يحتاج إلى الاختراع الفاسد المذكور، فإن قيام المبادئ بذويها على أنحاء شتى، و
نحن نذكرها هنا فانه ينفعك في غير المقام أيضا، فلا تقع في الغلط و الضلالة كما وقع
فيه أقوام، فنقول و باللّه الاعتماد:
1-
القيام الحلولي، مثل: مريض، ميت، جائع، خائف، شجاع، عالم، حليم، طويل، أسود، قائم،
عاشق، غضبان، راض، محبّ، عدو ... إلى غير ذلك من المبادئ التي تحلّ محالها و يسمى
قيامها بالقيام الحلولي.
2-
القيام الانتزاعي: و هو ما ليس بإزاء المبدأ في الخارج شيء متأصّل، و يعبّر عنه
في بعض أفراده بالمحمول بالصميمة، مثل: ممكن، زوج، مالك، حر، عبد، مملوك، أب، ابن،
قريب، بعيد، واحد ... إلى غير ذلك من المبادئ الاعتبارية التي لا تحقّق لها في
الخارج أصلا، و إنما