نام کتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية نویسنده : المحسني، الشيخ محمد آصف جلد : 1 صفحه : 18
و نبغ منهم في كلّ عصر رجال
أفذاد و أعلام هداة، و أول مدرسة تخرج فيها هولاء الجهابذة الاسلاموين هي مدرسة
الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام،[1] و هذا كتاب نهج البلاغة بين
يديك و هو يدلك على حقيقة الحال، ففيه أسرار التوحيد و خفايا التنزيه و مزايا
المعارف الاعتقادية و كليات القوانين الاجتماعية و السنن الأخلاقية و الرسوم
السياسية و غيرها.
ثم
اتّسعت هذه المدرسة و اشتهرت في عصر الإمامين العظيمين: الباقر و الصادق عليهما
السّلام حتى عدوا المتدرسين فيها إلى اربعة آلاف، و قد تخرّج فيها الأكابر
المتبحّرون و العلماء الكاملون أمثال هشام بن الحكم و مؤمن الطاق و يونس و زرارة و
كثير من أقرانهم، فتحمّلوا من علوم آل نبيهم و روّجوا ما تنوّر به المجامع العلمية
الاسلامية و العالمية.
و
المذاهب المتقدّمة[2] حيث لم
تتمكن من مقاومة هذه المدرسة في ميدان العلم و الفضيلة، قابلتها بالظلم و التعدّي
و الافتراء؛ فلذا نسب إلى بعض هؤلاء الكالمين القول بالتشبيه، و إلى آخر منهم
القول بالتجسم، و إلى ثالث الاعتقاد بحدوث صفات اللّه، و هكذا، بل جعل لكل من
هؤلاء المنقادين لإمامهم الصادق عليه السّلام مذهب على حدة! و لم يزل هذا الوضع
المشؤوم إلى يومنا هذا، يوم النور و التفكير، فما من كتاب من هؤلاء الجماعة المتقدمة
إلّا و فيه أباطيل منسوبة إلى الشيعة و هم براء منها و كم وقع عليهم الظلم و
العدوان:
و كان ما كان مما لست أذكره
فظن خيرا و لا تسأل عن الخبر
و
اللّه الهادي ... و قد تحصّل ممّا سطر- ان لم تغلب العصبية على العاقلة- أن
الأقدمين في علم الكلام و غيره من العلوم الشرعية هم الإمامية، لأنهم أول من شرعوا
في التأليف و التدوين، فما في جملة من الكلمات من نسبة المسائل إلى المعتزلة أو
الأشاعرة ثم نسبة المتابعة و الموافقة إلى الامامية إما جهل أو عناد، بل كثيرا ما
يهمل نقل أقوالهم لجهات غير خفية على الخبير. ربنا افتح بيننا و بين قومنا بالحق و
أنت خير الحاكمين.
[1] قال ابن النديم في الفهرست/ 263؛ اول من تكلم في
مذهب الإمامة علي بن اسماعيل بن ميثم التمّار، و ميثم بن جلّة أصحاب علي- رضي
اللّه تعالى عنه- و لعلي من الكتب كتاب الامامة، كتاب الاستحقاق.
أقول: قد سبق عليا غيره فلاحظ
مقدمة وسائل الشيعة المطبوعة حديثا؛ حتى تعلم أن الشيعة ابتدؤوا بتدوين الكتب من
بدو ظهورهم.
[2] قال الشهرستاني في أوائل ملله و نحله: أما رونق علم
الكلام فابتداؤه من الخلفاء العباسية هارون و غيره، و انتهاؤه من الصاحب بن عباد و
جماعة من الديالمة. و قيل: أوّل من تكلّم في علم الكلام أبو هاشم ابن محمد بن
الحنفية.
نام کتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية نویسنده : المحسني، الشيخ محمد آصف جلد : 1 صفحه : 18