نام کتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية نویسنده : المحسني، الشيخ محمد آصف جلد : 1 صفحه : 17
كل ذلك لعدم مرجع لائق ديني يلم
شعث المسلمين و يدير الحوزة العلمية. و قد حكي[1]
أنه لما قيل لابن أبي العوجاء تلميذ الحسن البصري (21- 110 ه): لم تركت مذهب
صاحبك- الحسن- و دخلت فيما لا اصل له (أي الزندقة)؟ اجاب: إن صاحبي كان مخلطا، كان
يقول طورا بالعدل و طورا بالجبر، و ما أعلمه إعتقد مذهبا دام عليه .. فإذا كان هذا
حال الحسن- و هو من دعائم هذه الطريقة و أساطين هذه المدرسة- فما حال غيره؟!
و
قد قيل في حقّه أيضا[2]: إنّه كان
يلقى الناس بما يهوون، و يتصنّع للرئاسة، و كان رئيس القدرية، و كان يبغض عليا. و
ينقل حبّه له ايضا، فإذا كان المصدر للمعارف الدينية أمثاله فما ظنّك بالمتعلّمين
و المقلّدين؟
و
لذا اخترع واصل بن عطاء (80- 131 ه) مذهب الاعتزال حينما ألقى مسألة بسيطة على
أستاذه- الحسن هذا- فعجز عن إقناعه، و قد علا أمر المعتزلة في المسائل الكلامية
فإن مطالبهم أقرب إلى الاحكام العقلية في الجملة، و ربّما استفادوا من الفلسفة
اليونانية لتصحيح مبانيهم، و للفلسفة المذكورة تأثير كبير في علم الكلام و تشتت
آراء المتكلمين.
و
أما مخالفو المعتزلة فلم يكن لهم القوة في الكلام حتى خالف علي بن اسماعيل أبو
الحسن الاشعري (260 أو 270- 330 على قول) في مسألة- نذكرها مع جوابها في موطنها
المناسب من هذا الكتاب- أستاذه المعتزلي محمد بن عبد الوهاب المعروف بابي علي
الجبائي (235- 303 ه) فرجع عن مذهبه حينما لم يفهما حلّ المسألة، فتاب الأشعري من
القول بخلق القرآن و العدل و عدم رؤية اللّه بالابصار و نحوها مما عليه أستاذه[3]!
و سعى في تدوين تلفيقات سلفه حتى سمّي المذهب باسمه. و له أقوال عجيبة ربما تصادم
الضرورة كما تقف عليها في هذا الكتاب. قال معين الدين الايجي الشافعي[4]:
و اعلم أنه- أي الاشعري- قد يرعوي إلى عقيدة جديدة بمجرّد اقتباس قياس لا أساس له
مع انه مناف لصرائح القرآن و صحاح الاحاديث ...
إلخ.
و
هكذا خلف من بعدهم خلف أضاعوا الحق و اتّبعوا الأميال و الأهواء و ابتعدوا عن
السفينة المنجية المحمدية، إلّا القليل ممن استقاموا على الطريقة الوسطى فالتزموا
العترة الهادية عن بكرة أبيهم، فانقادوا في كلّ عصر لإمامه من أئمة آل محمد صلّى
اللّه عليه و اله و أخذوا عنهم الأصول و الفروع،