responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية نویسنده : المحسني، الشيخ محمد آصف    جلد : 1  صفحه : 106

المفكرة قد صدر عن مصادفة عمياء؛ لأن العمى لا يخلق نظاما و لا يبدع حكمة. ذلك اكبر برهان يقوم عندي على وجود اللّه.

ثم يقول: و لقد قامت عندي شكوك كثيرة لأوّل عهدي بالبحث، فسألت: من أين جاءت العلّة الأولى؟ و هل لها نشأه و معاد؟ غير أني لم ألبث حتى استبان لي أنّ هذا الشك نفسه قد يخطر للإنسان إذا فكّر في نشأة المادّة المحسوسة ذاتها، فمن أين جاءت المادّة القديمة؟ و هل لها أوّل؟ أم هي أزلية؟ فإذا كانت أزلية- و غالب الظن على ذلك- فمن أين أتت؟ تلك الحدود التي يقف عندها الفكر الإنساني معترفا بالعجز[1] لكنّ الماديين اكثروا السرعة من مقلدهم- بالفتح- و لم يدروا أن هذه التلفيقات على فرض صحّتها لا ترتبط بهو ساتهم أصلا.

ثم إن شارلز داريون ليس مؤسّسا لهذه النظرية بل ذكرها غير واحد ممن سبقه، كما ذكره فريد وجدي في دائرة المعارف، بل يوجد ذلك في كلمات العرب- إخوان الصفا و غيرهم أيضا- كما نقلها إسماعيل مظهر في مقدّمة ترجمة اصل الانواع‌[2] مع أنهم من المسلمين. فاتضح من جميع ذلك أنّ هذه النظرية لا تشفي داء الماديين، فإنّ صحّتها لا تصادم وجود اللّه تعالى بل و لا غيره من الاصول الدينية. نعم هي غير صحيحة عند القرآن فإنّه يبيّن خلقة الإنسان بدوا و ينفي- بالدلالة الالتزامية- تكوّنه من القرود و غيرها، فهي تخالف الإسلام في مسألة فرعية جزئية.

و قد عرفت أنّ البرهان و الحسّ و الأخلاق ترجّح جانب القرآن.

و لهم جواب ثالث معروف بالفلسفة الدياليكتيكية و قد بنيت على أصول أربعة:

التغير و التحوّل الباطني (في مقابل التغير الحاصل من خارج الشي‌ء المسمّى بالميكانيك)، صحّة التناقض و التضاد بل ضرورة وقوعهما في كلّ شي‌ء، تأثير التقابل و هو ارتباط الأشياء بعضها ببعض بلا انفصال لشي‌ء منها من هذه السلسلة المرتبطة، تبديل الكمّية إلى الكيفية دفعة واحدة؛ و عليها بنوا إنكار الواجب الوجود و الأديان بل و جميع الأحكام العقلية؛ اذ لا شي‌ء ثابت عندهم أصلا، بل كلّ شي‌ء له أوّل و نهاية، و بها عللوا نظام العالم المتقن!

لكن هذه الفرضية واضحة البطلان؛ لان الأصل الأول يشمل نفس هذه الفرضية أيضا، فلا قيمة لها، فإنّها محكومة بالزوال و الاضمحلال. و حله: أن التغيّر غير جار في العلوم غير المادية، أليست نتيجة ضرب الاثنين في الاثنين هي الأربعة، و هل يحتمل أحد أن تكون النتيجة خمسة أو ثلاثة في زمان من الازمنة؟ لكنّهم لا يفرقون بين العلوم الطبيعية و العقلية فيطبقون احكام الاولى على الثانية.


[1] مقدّمة ترجمة أصل الأنواع بالعربية تأليف إسماعيل مظهر/ 26.

[2] أصل الأنواع/ 29- 41.

نام کتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية نویسنده : المحسني، الشيخ محمد آصف    جلد : 1  صفحه : 106
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست