الخطب أنّ السيرة القطعيّة بين
المتشرّعة قائمة على جواز خلف الوعد، و على عدم معاملة من أخلف بوعده معاملة
الفساق ... فهذه السيرة القطعيّة تكون قرينة على حمل الأخبار المذكورة على استحباب
الوفاء بالعهد و كراهة مخالفته ...».[1]
أقول:
الأظهر الحكم بحرمة الوعد؛ عملا بالكتاب و السنّة، و عدم الالتفات إلى أمثال هذه
السير، و سيّدنا الأستاذ أيضا لم يطمئنّ نفسه بالسيرة المذكورة حيث قال بعد ذلك:
«و
مع ذلك كلّه، فرفع اليد عن ظهور الروايات و حملها على الاستحباب، يحتاج إلى
الجرأة، و الأوفق بالاحتياط هو الوفاء بالوعد».[2]
إذا
عرفت هذا، فأقول: إنّ للاية معنى ثالثا و هو أن يقول الإنسان: أصوم غدا، أزور زيدا
يوم الجمعة، آكل البطيخ ليلا، و نحو ذلك و إن فرض عدم صدق عنوان النذر و العهد و
اليمين و الوعد، بل و إن فرض وحدة المتكلّم و عدم حضور مخاطب أصلا.
لكن
الالتزام بحرمة مخالفة مثل هذا القول لا أقلّ أنّه رفض لطريقة الاستنباط
المتعارفة، و عليه، فلا بدّ من الالتزام بصرف الآية عن مثل هذا الإطلاق، و اللّه
العالم بمراده.
يحتمل
أن يراد به حرمة القول لفعل شيء بلا ذكر مشيئة اللّه، و على هذا، فيكون الخطاب
غير متوجّه إلى غير النبيّ صلّى اللّه عليه و آله؛ للسيرة القطعيّة على ذكر
الأقوال بلا تعقّبها باستثناء المشيئة، و يحتمل أن يراد به حرمة اعتقاد استقلال
الفاعل في أفعاله، كما يتوهّمه المعتزلة، و لعلّ الأوّل أظهر، و اللّه العالم.