أقول: دلالة الرواية على المنع
لا بأس بها، لكنّ في طريق الصدوق إلى سعيد المذكور «كرام الخثعمي» فقد وصفه الشيخ
ب «أنّه واقفي خبيث» لكنّ النجاشيّ كرّر وصف «الثقة» في حقّه، فالجمع بين القولين
يقتضي إرجاع الخباثة إلى جهة وقفه، و الوثاقة إلى كلامه، فيكون الرجل موثّقا، لكنّ
الذي يوجب التوقّف في ذلك قول الشيخ في كتابه الغيبة[1]
حيث قال:
فروى
الثقات أنّ أوّل من أظهر هذا الاعتقاد (الوقف على الكاظم عليه السّلام) عليّ بن
أبي حمزة البطائني، و زياد بن مروان القنديّ، و عثمان بن عيسى الرواسيّ طمعوا في
الدنيا، و مالوا إلى حطامها، و استمالوا قوما فبذلوا لهم شيئا ممّا اختانوه من
الأموال نحو حمزة بن بزيع، و ابن المكاري، و كرام الخثعمي، و أمثالهم، فروى محمّد
بن يعقوب ....
أقول:
فمثل هذا الخائن الذي يكذب لأجل المال، لا يصلح للاعتماد على قوله. فإن قلت: كيف
تثبت أصل النقل؟
قلت:
لا فرق بين التوثيق الخاصّ و التوثيق العامّ. و قول الشيخ (رحمهم اللّه): «فروى
الثقات» يكفي للحكم بصحّة الرواية، لكن قوله في آخر كلامه: «فروى محمّد بن يعقوب»
ظاهر في أنّ مراده ب «الثقات و رواياتهم» هو الروايات التي نقلها من الرواة
المذكورين في كتابه و عليه، فيشكل الأمر؛ إذ ليس فيها ما يثبت خيانة كرام و كذبه.
و
هنا شيء آخر و هو أنّه لم يثبت أنّ رواية الثقات هل هو وقف الثلاثة الأوّلين فقط،
أو مع نقل استمالة الثلاثة الآخرين؛ إذ يحتمل أنّ نقل استمالتهم من الشيخ قدّس
سرّه و هو لمكان إرساله غير حجّة. و على كلّ حال، لا بدّ من الاحتياط في رواياته،
كما ذكرنا في فوائدنا الرجاليه (بحوث في علم الرجال).
358.
عقوق الوالدين
العقوق[2]
من الكبائر، و المسألة؛ لمكان ابتلاء الناس بها مستحقّة للتفصيل، فنقول:
[2] . في القاموس: عقّ: شقّ. عقّ والده عقوقا بفتح
العين و في المنجد بضمّها- و معقّة؛ ضدّ برّه. و في المنجد: عقّ الولد-- والده:
عصاه: أي شقّ عصا طاعته و ترك الشفقة عليه و الإحسان إليه و استخفّ به. و في مجمع
البحرين: إذا أذاه و عصاه و ترك الإحسان إليه و هو البرّ به. و أصله من العقّ و هو
الشق و القطع.