الظاهر هو الثاني؛ لأنّ المسلم
لا يحبّ- غالبا- الكافر من حيث كونه كافرا، بل لعلّه لا يوجد، و إن وجد فهو فرد
نادر، و لا يمكن حمل المطلقات على الفرد النادر، و عليه، فالظاهر أنّ المراد من
الآيات الناهية هو النهي عن جميع الحيثيّات، و هذا أمر ممكن يتحقّق بواسطة التلقين
و غيره[1].
ه)
ما معنى المودّة و التولّي و اتّخاذ الأولياء
قال
في مجمع البيان في تفسير قوله تعالى: لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ
الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ[2].
لا
ينبغي للمؤمنين أن يتّخذوا الكافرين أولياء لنفوسهم، و أن يستعينوا بهم، و يلتجؤوا
إليهم، و يظهروا المحبّة لهم، كما قال في عدّة من مواضع القرآن ... و قوله:
مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ معناه يجب أن يكون الموالاة مع
المؤمنين[3] و هذا نهي
عن موالاة الكفّار و معاونتهم على المؤمنين[4].
و قال ابن عباس رضى اللّه عنه: «نهي عن ملاطفة الكفّار».
و
الأولياء جمع الوليّ و هو الذي يلي أمر من ارتضى فعله بالمؤونة و النصرة، و يجري
على وجهين:
أحدهما:
المعين بالنصرة، و الآخر المعان، فقوله تعالى:
اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا معناه معينهم بنصرته، و يقال:
المؤمن وليّ اللّه، أي معان بنصرته ... ثمّ استثنى فقال: إِلَّا
أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً، و المعنى إلّا أن يكون الكفّار
غالبين، و المؤمنون مغلوبين، فيخافهم المؤمن إن لم يظهر موافقتهم، و لم يحسن
العشرة معهم، فعند ذلك يجوز له إظهار مودّتهم بلسانه، و مداراتهم تقيّة منهم، و
دفعا عن نفسه من غير أن يعتقد ذلك، انتهى كلام المجمع.
[1] . إذا كان المواداة بمعنى المحبّة من الطرفين،
فيشكل الجزم بحرمة حبّ الكافر قلبا من طرف واحد؛ لجهة من الأسباب غير جهة كفره مع
عدم إظهار الحبّ و إلقاء المودّة إليه، فتأمّل في المقام.