و
ثانيا: لصحيحة حمّاد بن عيسى الطويلة عن الصادق عليه السّلام ففيها: «إن رجع في
شهره، دخل بغير إحرام، و إن دخل في غير الشهر دخل محرما»[1].
أقول:
الضمير في قوله «شهره» يرجع إلى المتمتّع الذي خرج من مكّة قبل الحجّ و بعد
العمرة، فلعلّه ينصرف إلى شهر وروده بمكّة لا شهر خروجه منه فمدلول الرواية حينئذ
أنّ المتمتّع إذا دخل مكّة في الشهر الذي خرج منه، لا يحتاج إلى الإحرام، و أمّا
إذا دخلها في غير الشهر المذكور و إن كان السفر أسبوعا واحدا مثلا، يجب عليه
الإحرام، و أمّا أوّلا: غير مما أفتى به هؤلاء الجماعة. و ثانيا: يشكل التعدّي عن
موردها إلى سائر الموارد، كالعمرة المفردة أو من أتى بحجّ التمتّع ثمّ خرج أو أتى
بالحجّ القران مثلا، إلّا أن يلغى خصوصيّة المورد بفهم العرف.
و
ثالثا: بموثّقة إسحاق بن عمّار عن الكاظم عليه السّلام سأله عن المتمتّع يجيء
فيقضي متعة ثمّ تبدو له الحاجة فيخرج إلى المدينة ...؟ قال: «يرجع إلى مكّة بعمرة
إن كان في غير الشهر الذي تمتّع فيه، لأنّ لكلّ شهر عمرة و هو مرتهن بالحجّ»[2].
أقول:
و هذه الموثّقة تصلح لتفسير الصحيحة المتقدّمة في كون المقصود من الشهر هو الشهر
الذي تمتّع فيه دون الشهر الذي خرج من مكّة، كما ادّعيناه منها سابقا بالانصراف،
لكن يرد على الاستدلال بالموثّقة أنّها واردة في حكم العمرة دون الإحرام و لا
ملازمة بينهما على رأينا، كما عرفته في الفرع السابع.
نعم،
بناء على عدم تحقّق الإحرام إلّا في ضمن العمرة أو الحجّ تمّ الاستدلال المذكور، و
منه يظهر عدم صلاحيّة الموثّقة لتفسير الصحيحة في تبين الشهر لأنّ هذه وردت في
العمرة، و تلك في الإحرام، و لا مانع من تغاير الحكمين، فتأمّل و هنا بعض روايات
أخر تدلّ على المقصود، لكنّها ضعيفة سندا[3].
[2] . المصدر، ص 220. ذيل الرواية الذي لم ننقله فيه
صعوبة تعرّض له صاحب جواهر الكلام، و على كلّ هو لا يرتبط بالصدر كلّ الارتباط، و
لعلّ فيه سقطا، و التعلّل المذكور« لأنّ لكلّ شهر عمرة» أيضا محتاج إلى توجيه ما و
لعلّ المقصود أنّه ليست عمرتان في شهر حتّى يجب العمرة في الشهر الذي تمتّع فيه.