قال
اللّه تعالى: وَ لا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ
أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ[1].
قال
في المجمع:
أي
بالطريق التي هي أحسن، و إنّما يكون أحسن إذا كانت المناظرة برفق و لين؛ لإرادة
الخير و النفع بها و في هذا دلالة على وجوب الدعاء إلى اللّه تعالى على أحسن
الوجوه و ألطفها، و استعمال القول الجميل في التنبيه على آيات اللّه[2].-
و قال في تفسير الاستثناء-: ... و الأوّل: أن يكون معناه إلّا الذين ظلموك في
جدالهم، أو في غيره ممّا يقتضي الإغلاظ لهم.
أقول:
الدلالة على الوجوب المذكورة ممنوعة؛ لأنّ المتيقّن من الاستثناء من الحرمة هو
الجواز دون اللزوم. نعم، قوله تعالى: ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ
بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ
أَحْسَنُ دالّ على الوجوب، لكنّ التعدّي من المخاطب- و هو النبيّ الأكرم صلّى
اللّه عليه و آله- إلى غيره، محتاج إلى دليل مفقود[3]،
و يحتمل أن يكون النهي إرشادا و يحتمل الكراهة بقرينة كلمة «أحسن»؛ إذ حرمة
المجادلة بالحسن بعيدة حدّا، و اللّه العالم.
ثمّ
بناء على الحرمة، هل يلحق بأهل الكتاب سائر فرق الكفّار، و الفرق الضالّة من
المسلمين، بل المؤمنين في المسائل العلميّة الخلافيّة أم لا؟ فيه وجهان، و كأنّما
الأوّل أظهر.
و
أمّا بناء على الإرشاد أو الكراهة، فالظاهر هو الإلحاق؛ لعدم الفرق في الأخلاقيات
و الهداية إلى الحقّ بأحسن الطريق بين أفراد الإنسان.