تحكيمه و إبرامه و دافع عنه
بكلّ موهون و ضعيف، هو المحدّث الحرّ العاملي رحمه اللّه في آخر كتابه وسائل
الشّيعة[1].
و
استدلّ عليه باثنين و عشرين وجها، و قال في آخره:
و
قد ذكر أكثر هذه الوجوه بعض المحقّقين من المتأخّرين، و إن كان بعضها يمكن
المناقشة فيه، فمجموعها لا يمكن ردّه عند الإنصاف.
أقول:
و إليك معظم تلك الوجوه في غاية الاختصار مع جوابها في الحاشية:
1.
شدّة اهتمام الأئمّة عليهم السّلام و الأصحاب و العلماء في تدوين و تصحيح
الرّوايات المتضمنّة لأحكام الدّين.[2]
2.
كانت الشّيعة تعمل بأصول صحيحة ثابتة بأمر الأئمّة عليهم السّلام. و أصحاب الكتب
الأربعة يعلمون عدم جواز الاعتماد على الظّنّ مع التمكّن من تمييز الصحيح عن غيره،
فروايات كتبهم كلّها صحيحة، أي: معلومة الصّدور.[3]
3.
الحكمة الرّبانيّة و شفقة الأئمّة عليهم السّلام: تقتضي ألّا يضيع من في أصلاب
الرجال في زمن الغيبة، و مصداق ذلك هو ثبوت الكتب المشار إليها.[4]
4.
أمر الأئمّة عليهم السّلام أصحابهم بكتابة ما يسمعونه منهم و العمل به.[5]
5.
الرّوايات الدّالة على صحّة الكتب، و أنّها عرضت على الأئمّة عليهم السّلام فما
الظّنّ بأصحاب الكتب الأربعة.[6]
[1] . وسائل الشيعة: 20/ 61- 78 و 93- 112؛ معجم رجال
الحديث: 1/ 17- 31 و 80- 85.
[2] . شدّة الاهتمام مانعة عن شيوع الدس و الكذب لا عن
أصلهما، و لا سيّما أنّ التقية الشّديدة كانت مانعة عن تأثير الاهتمام المذكور، و
لا عن الزيادة و النقيصة السهويّة في تفاصيل ألفاظ الرّوايات و نحو ذلك، نعم لو
كان اهتمام الأئمّة عليهم السّلام ضمن أسباب قهريّة فوق أسباب عادية لتمّ ما ذكره،
لكن من المعلوم عدم تحقّق ذلك و جريان أمر الدين وفق السببيّة العامّة.
[3] . نمنع صحّة الوصول بنحو الموجبة الكليّة و لا أقلّ
من عدم الدّليل على صحتّها، و نمنع تمكّن أصحاب الكتب الأربعة من تمييز الصحيح عن
غيره- أن اريد بالصحيح- الصحيح الواقعي و إن أريد به الصحيح بحسب اجتهادهم ففيه ما
يأتي. و بالجملة: المعمول به عندهم هو العمل بأخبار الأحاد، و هي لا تفيد العلم.
[4] . الحكمة الرّبانيّة لم تشأ وصول خصوص الأحكام
الواقعيّة إلى عامّة المكلّفين قطعا، و هذا محسوس للمتفقهين، و إنّما شاءت إيصال
ما يعمّ الأحكام الواقعيّة و الظّاهريّة، إليهم.
[5] . هذ يبطل السلب الكلّي، الّذي لم يقل به أحد، و لا
ينفى كلّي السلب.
[6] . إن وجدت رواية معتبرة سندا على صحّة كتاب، نعمل
بها، و أين هي من صحّة تمام الكتب.
و لا رواية على صحّة الكتب
الأربعة و الأولوية ممنوعة، و قد تقدّم في أوائل هذا البحث ما يتعلّق بالمقام.