أنكر
المحدّث النوري أعميّة اصطلاح القدماء في الصحيح من اصطلاح المتأخّرين، و طالب
البهائي و صاحب المنتقي رحمه اللّه- بعد نقل كلامهما- بمأخذ هذه النسبة، فإنّه وجد
القدماء يطلقون الصحيح غالبا على رواية الثّقة، و لم يجد في كلامهم ما دلّ على
الأعميّة المذكورة.
ثمّ
استظهر أنّ البهائي و من تبعه اشتبه عليهم المعمول به بالصحيح، و لا ملازمة بينهما
كما عند المتأخّرين، كالضعيف المنجبر و الحسن عند من يرى حجيّته، ثمّ نقل كلام
الشّيخ الطّوسي في أنّ العقل و الكتاب و السنّة و الإجماع مصحّحة متضمّن الخبر لا
نفسه، و استشهد به على أنّ صحّة الخبر لا تكون بغير وثاقة الرّواة.[1]
ثمّ
ذكر كلام جماعة أرادوا اعتبار ما في كتبهم بدعوي أنّ ما فيها منقول من الثقات، و
كذا كلام جماعة يفهم منه دوران الصّحة مدار الوثاقة و الموثقية.
أقول:
يمكن
أن يستدل على أعميّة اصطلاح المذكور بما يأتي عن مقدّمة: الكافي و الفقيه من إطلاق
الصحّة على رواياتهما لبعد اعتقاد الكليني و الصّدوق رحمه اللّه وثاقة جميع رواة
أخبار كتابيهما، فيكون التّصحيح مستندا إلى قرائن إحداها صداقة الرّواة أو عدالتهم
ظاهرا.
و
مرّ قول السّيد المرتضي: أكثر أحاديثنا ... مقطوع على صحّتها إمّا بالتواتر ... و
إمّا بعلّامة و أمارة دلّت على صحتّها و صدق رواتها ... كيف و لو كان عملهم مقصورا
على الصحاح بمعنى الاصطلاح الجديد؛ لاهتمّوا بوثاقة الرّواة؟
و
هذا شيخ الطائفة و ترجمان القدماء- بإقرار المحدّث النوري- لم يهتّم بالتعديل و
التوثيق حقّ الاهتمام، و من دقّق النظر في رجاله و فهرسته يعلم أنّ حجيّة الإخبار
لم تكن عند القدماء مقصورة على الصحيح المصطلح عند المتأخّرين، و إلّا لأكثر
الشّيخ من التوثيق.
و
هنا شيء آخر، و هو أن الشّيخ ربّما ضعّف راويا في محلّ، ثمّ يقبل روايته في محلّ
[1] . لكنّه لم يأت بالشّاهد على ذلك في المقوية لصدور
الخبر، و كلام الشّيخ في القرائن المقويّة لمضمون الخبر.