أقول: يظهر منه وثاقة الرجل في
حديثه، لكن سيأتي في ما بعد أن كتاب ابن الغضائري لم يحرز سنده و إن كان مؤلّفه
ممدوحا، و بالجملة جميع ما ينقل عن ابن الغضائري من كتابه مرسل غير معتبر كما مرّ،
على أنّ ابن الغضائري لم يسند تبرّم الصّادق عليه السّلام، بل أرسله و هو غير
حجّة، فالرجاليّون الّذين يعتبر قولهم في حقّ مثل هذا الرجل لم يوثقوه، و هو شيء
عجيب، نعم وثّقه العلّامة ردّا على ابن الغضائري[1]،
و وثّقه من تأخّر عنه، لكن توثيقاتهم غير حجّة؛ لأنّها ناشئة عن الحدّس دون الحس.
هذا
و قد ورد في حقّ الرجل روايات، فلا بدّ من لفت النظر إليها لتحقيق الحال، و لكن ما
يعتبر منها سندا، و يفهم وروده في حقّ ليث دلالة روايتان.
1.
صحيح جميل بن دراج قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:
بشّر
المخبتين بالجنّة: بريد بن معاوية العجلي، و أبا بصير ليث بن البختري المرادي، و
محمّد بن مسلم و زرارة، أربعة نجباء أمناء اللّه على حلاله و حرامه، لو لا هؤلآء
انقطعت آثار النبوّة و اندرست.[2]
2.
صحيح سليمان بن خالد قال: سمعت أبا عبد اللّه يقول:
ما
أجد أحدا[3] أحيي
ذكرنا و أحاديث أبي إلّا زرارة و أبو بصير ليث المرادي و محمّد بن مسلم و بريد بن
معاوية العجلي[4]، و لو لا
هؤلآء ما كان أحد يستنبط هذا.
هؤلآء
حفّاظ الدّين و أمناء أبي على حلال اللّه و حرامه و هم السّابقون إلينا في الدنيا
و السّابقون إلينا في الآخرة.[5]
و
هذان الخبران يدلّان على مرتبة عظيمة للرجل فوق مرتبة الوثاقة بمراتب كثيرة، بل
فوق مرتبة العدالة أيضا، و يؤيدهما جملة من الرّوايات المادحة الاخرى بأسناد ضعيفة[6]،
و لم يقدح
[4] . و يظهر من المعجم أنّه وقع في أسانيد قريب من 200
رواية بعناوينه المختلفة، فلم تصل جميع رواياته إلينا.
فإنّ نقل هذه الكمية بملاحظة
الروايتين المذكورتين، قليلة.
[5] . رجال الكشي: 124 و 125. و العجب أنّ أحاديث ليث
لم تصل كلّها إلينا فإنّ ما روي عنه في الكتب الأربعة يبلغ زهاء ستين حديثا، و لم
أتفحص عن أحاديثه في غير الكتب الأربعة، نعم المكّنى بأبي بصير وقع في أسانيد 2500
رواية، كما في معجم الرجال، و هي كلّا أو قسما مشتركة بين ليث و يحيي.
[6] . انظر: معجم الرجال: 15، ترجمة ليث، الطبعة
الخامسة.