نام کتاب : المعاد في ضوء الدين و العقل و العلم نویسنده : المحسني، الشيخ محمد آصف جلد : 1 صفحه : 221
عذابهم فكيف بالفطرى؟ وكلاهما
غير اختياريين اكتسابيين، فانهما اضطراريان والآية الثانية ليست بدالة على المعرفة
الفطرية، بل فيه مجرد إشهاد ذرية بنى أدم على نفسهم و إقرارهم على أنه ربهم.
فتأمّل.
و
الغرض من هذا الاشهاد و الاقرار؛ اتمام الحجة و استحقاق العقاب، و هؤلاء
يستعملونهما فى نفى الخلود على عكس هدف الآية الأخيرة!
و
منها: أنّ اللّه الحكيم خلق الإنسان لغاية- و هى خير و إحسان وجود- تصل الى
الإنسان من طريق العبودية، فخلود الإنسان فى العذاب المقيم ينافي الغاية المذكورة
و لوكان بتعمّد من المكلف و من سوء اختياره، اذ كان اللّه عالماً بمصير الكفار قبل
خلقهم و بامكانه تعالى أن لا يخلقهم من الأول حتى لا يكون سوء اختيارهم صاداً
للغاية المذكورة و حيث خلقهم فلا بد أن يوصلهم الى الغاية المذكورة؛ اما بانقطاع
العذاب، و اما بجعل العذاب عذباً لهم فى جهنم.
ثمّ
يقول صاحب الأسفار:
فان
المخلوق الذى غاية وجوده أن يدخل فى جهنم بحسب الوضع الإلاهى و القضاء الربّانى،
لابدّ أن يكون ذلك الدخول موافقاً لطبعه وكمال لوجوده، اذا الغايات كمالات للوجود
وكمال الشيء الموافق له لايكون عذاباً فى حقه، و إنّما يكون عذاباً فى حق غيره،
ممن خلق للدّرجات العالية.[1]
و
فيه: أن الواجب الوجود على الاصول الحكمية فاعل موجب (بفتح الجيم) لا اختيارله فى
عدم خلق الكفار و هذا ممّا لاشك فيه و أن ينكرالفلاسفة هذه النسبة اليهم، لكن
إدّعاءاختياره تعالى منهم مقطوع البطلان كما فصلّنا، و حققناه فى محله و الكل
يعلمون أن الإختيار الذى يتظاهر به الفلاسفة ينكره المتكلمون.