كما أن «لقّاه» .. معناها جعله يتلقى شيئا آخر، أما «لاقاه»، فمعناها أنه هو نفسه قد التقى معه.
أضف إلى ما تقدم: أن «لاقاه» تحتاج في تعديها إلى النضرة، إلى توسيط حرف الجر، فتقول: لاقاهم بالنضرة، أما كلمة «لقّاه» فتتعدى بنفسها فتقول: لقاهم نضرة ..
بقي أن نشير إلى أن كلمة «لقّاهم» بمعنى جعل فيهم أهلية التلقي، مع فعلية إفاضة النضرة و السرور عليهم، و ليس المراد بها مجرد جعل الأهلية، و لذلك لم يقل: و أهّلتهم للنضرة و السرور، كما لم يقل:
و أعطيتهم نضرة و سرورا، أو سررتهم و نضرّتهم.
و قد قلنا: إن نفس عملهم في الدنيا هو الذي أوجب لهم هذا الجزاء، و هذا اللطف الإلهي في الآخرة، و تسبب باللطف و الكرامة لهم، و العناية بهم، بصورة تدريجية و مستمرة، مما يدل على وجود إرادة إلهية مستمرة الفيض عليهم.
و إن إحساسهم ببقاء هذا الرضا، و بقاء اللطف، هو نعيم آخر لهم. إذ هناك فرق بين أن يعمل الإنسان عملا، و يأخذ أجرته، و تنتهي العلاقة به، و بين أن يوجب ذلك العمل علاقة مستمرة. و ما نحن فيه من هذا القبيل، ففيه لذة الشعور المستمر بهذه العلاقة، فاللّه سبحانه لا يريد أن يدخلنا الجنة لكي نتنعم بها، ثم ينفذ ذلك النعيم، و ينقطع عنا، إذ إن لذة إحساسنا بدوامه هي الأتم، و هي الأهم.
«نضرة»:
و النضرة تحتاج- بحسب طبيعتها- إلى بقاء و استمرار، لأن النضرة هي: الحسن، و الرونق، و اللطف، و الإشراق. و الناضر هو الناعم الذي له