فجوابه: أنهم [عليهم السّلام] يريدون الجزاء، و لكن لا من السّائلين، بل من اللّه سبحانه. و قد صرحوا بذلك حين قالوا: إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ ..
فإرادة الجزاء و الشكر من الناس غير محبذة، بل هي نقص أحيانا، و لكن طلبها من اللّه سبحانه عين الكمال، لأنه إنما يطلب- في واقع الأمر- رضا اللّه سبحانه، و يسعى للفوز بكرامته، و ألطافه، و حبه، و رعايته، و رفعة شأنه لديه.
«جزاء» لماذا؟!
و نلاحظ هنا: أن كلمة «جزاء» تختزن الإشارة إلى عدة أمور، هي:
1- تنوين التنكير:
إن كلمة «جزاء» قد جاءت مع تنوين التنكير لتفيد: التعميم لكل أفراد أو أنواع الجزاء، على سبيل البدل، فجميع أفراد و مقادير و أنواع الجزاء غير مرادة، فلا نطلب منه قليلا و لا كثيرا، و لا عظيما، و لا حقيرا، و لا نوعا دون نوع، و لا فردا منه دون آخر ..
2- الجزاء هو مقتضى العدل و الحق ..
و الجزاء أمر يحكم به العقل، و تقضي به الفطرة، كما ألمح إليه قوله تعالى: هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ، فطرح الآية لهذا السؤال، كأن فيه إرجاعا إلى الوجدان و إلى الفطرة الإنسانية، مما يعني أن هذا السؤال لو طرح على ملحد لأجاب بنفس ما يجيب به المؤمن الموحد ..
3- تقديم الجزاء لماذا؟!
و أما لماذا قدم ذكر الجزاء على الشكر، فلعله لأجل أن الجزاء هو