و لو قال: «نطعمكم لله»، فإن هذا المعنى الدقيق، سوف يضيع، إذ ليس المراد أننا نطعمكم لأجله سبحانه، و إكراما له، و محبة به ..
بل المراد: أن نجعل الطعام متصلا به، مكتسبا منه صفة البقاء و اللاانتهاء، و اللامحدودية ..
و ثمة فهم آخر لقوله تعالى: لِوَجْهِ اللَّهِ، و هو أن يكون المراد: أن الإطعام قد كان لأجل الحصول على إقبال اللّه تعالى عليهم بوجهه الكريم الرحيم، و بكل أسمائه و صفاته.
بمعنى أن اللّه سبحانه يقبل بوجهه، أي بألطافه و رحماته، و نعمه، و خيراته، و رعايته، و عنايته على المطعم، و العامل .. و لذلك قال سبحانه:
فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ .. أي ستجدونه تعالى مقبلا عليكم بألطافه التي تعرفكم إياه، بنحو من أنحاء التعريف، فإن وجه الشيء، هو ما يعرف الشيء به، و يستدل به عليه، قال تعالى: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ .. لأن عمل الخير متصل به تعالى .. باق ببقائه .. لأن الهالك هو ما ليس فيه جهة إلهية تمنحه البقاء.
لما ذا الحصر ب «إنّما»؟!:
و قد سأل سائل عن سبب اختيار كلمة «إنّما» لإفادة الحصر، دون الحصر بما و إلا .. فلم يقل: ما نطعمكم إلا لوجه اللّه تعالى ..
و نقول في الجواب:
هناك إجابتان على هذا السؤال، هما:
الأولى: أن الحصر ب «إنّما» هو الراجح، بل المتعين هنا، و قد يمكن تقريب رجحانه، بالقول: إن كلمة «إنّما» صريحة في إثبات حصر الإطعام بوجه اللّه، من بداية الكلام إلى نهايته.