تصاعدية في جهة السائلين، تقابلها حالة تصاعدية في ناحية الباذلين ..
بمعنى أن الانتقال كان في ناحية السائلين من الأعلى إلى الوسط، ثم إلى الأدنى.
و لكن الانتقال في ناحية الباذلين كان من الأدنى .. و انته بالأعلى ..
و هذا هو سر عظمة هذا الحدث، و هو أقوى تعبير عن حقيقة هولاء الصفوة الأطهار، حيث إنه يؤسس بصورة حية لفهم سرّ كل هذه الكرامة التي اختصهم اللّه بها، و هذا التشريف العظيم الذي حباهم سبحانه به ..
و توضيح ذلك يكون على النحو التالي:
4- المسكين .. و الباذلون في اليوم الأول:
إننا إذا أردنا أن نوضح ذلك، برسم صورة تطبيقية، فسنجد:
أن الذي أتى للصائمين في وقت إفطارهم، في اليوم الأول، هو «مسكين»، فمن هو هذا المسكين، و ما هي حالته؟!
إن المسكين هو إنسان بلغ به الفقر أقصى مداه. إلى درجة أنه أسكنه، و جعله عاجزا.
و قد روى أبو بصير رحمه اللّه عن الإمام الصادق [عليه السّلام] أنه قال:
«الفقير الذي لا يسأل، و المسكين أجهد منه، و البائس أجهد منهما»[1].
و صيغة «مسكين»، تفيد التكثير .. أي يكثر سكونه، لأنه كلما أراد أن يتحرك للحصول على شيء أحسن بعجزه، فيسكن ..
و معنى ذلك: أنه قد جرب حظه في الحياة أكثر من مرة، و بذل أكثر
[1] بحار الأنوار ج 93 ص 57 و تفسير نور الثقلين ج 3 ص 491.