إن الخلل الأخلاقي مهما بدا في ظاهر الحال بسيطا، فإنه قد يهلك الإنسان .. و يقضي على كل نبضات الحياة فيه، و استكبار فرعون خير شاهد على ذلك، كما أن للحسد و الشح، و غير ذلك من صفات؛ التأثير الكبير في إفساد حياة الناس، بل و في إهلاكهم أيضا ..
«يخافون»:
و قد أشار اللّه سبحانه، في آيات هذه السورة، إلى نواح إنسانية في شخصية الأبرار، و أخرى إيمانية .. و الحديث عن الناحية الثانية، هو في هذه الفقرات و قد قلنا فيما سبق: إن الخوف من الآخرة له أثره في سعي الإنسان لضبط حركته، و الهيمنة على نفسه الأمارة بالسوء ..
و ذكرنا: أن المشركين كانوا لا يأبون عن الاعتراف بكثير مما يدعوهم النبي [صلّى اللّه عليه و آله] إليه، لكنهم كانوا يكذبون بيوم الدين، لأنهم يريدون أن يأخذوا حريتهم في الفجور، و اقتراف الآثام، و لا يريدون أن يصبح قرارهم بيد من يحاسبهم ..
و هو ما أشارت إليه الآيات الكريمة في سورة القيامة .. أَ يَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ* بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ* بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ[1].
إذ إن المشركين يرون: أن مشكلتهم الكبرى لم تكن هي ترك الأصنام، التي قالوا: إنهم يعبدونها لتقربهم إلى اللّه زلفى .. و لم يكن لديهم مشكلة كبيرة في إعطاء الامتيازات لرسول اللّه [صلّى اللّه عليه و آله]،