فلعله لأجل أن كلمة أعددنا تتحدث عن مجرد الإعداد، من دون تعرّض لما يكون موردا و محلا له .. أما كلمة «أعتدنا»، فإنها تحمل معنى الإعداد، و تشير أيضا إلى العتاد الذي يتم تهيئته، و أنه أمر حسي موجود فعلا، و ليس مجرد تهديد و وعيد بأمر قد يكون مفترض الوجود ..
الإعداد لا ينافي القدرة:
و قد يقال: إن اللّه تعالى هو القادر و القاهر فوق عباده، فلا يحتاج إلى إعداد عدة، و لا إلى تهيئة مقدمات لشيء .. فإن العاجز هو الذي يحتاج إلى إعداد و تهيئة الأمور التي قد يفقدها حين العمل .. فكيف قال تعالى:
إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ و .. الخ؟!
و جواب ذلك هو: أن المقصود من الإعداد هنا، ليس هو رفع النقص عن المعدّ، بل المقصود هو تحقيق الردع للعاصي، و التأثير عليه لتصحيح مساره، و ذلك هو الأسلوب التربوي الصحيح الذي يقتضيه موقع الربوبية، و سوق الإنسان نحو كماله، و إبعاده عن مواقع الخطر بالحكمة الهادية، و بالأسلوب الصحيح.
الوعيد بغير المحسوس، يلغي الفرق:
و قد يقال: بما أن السلاسل، و الأغلال، و السعير، ليست حاضرة أمام الإنسان، بل هو سوف يواجهها يوم القيامة، فالحاضر الآن ليس إلا التهديد بها، و التهديد بالشيء لا يفرق فيه بين أن يقول: «أعددنا» و «أعتدنا» .. و ذلك لأن وقت التنفيذ غير حاصل بالفعل.
و يجاب: بأن الوعيد على نحوين، أحدهما أضعف تأثيرا من الآخر.
فالوعيد المجرد عن الإعداد، يبقى مجرد محاولة لإيجاد تصور للعقاب، و لكيفياته، و حالاته، و مستواه، تدفعه للعزم على المضي فيه. فقد يتصوره