و أخيرا .. فإننا بالنسبة لقوله: إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً نلاحظ: أنه تعالى لم ينظر إلى جهة صدور الفعل، و حركته الخارجية، و خصوصياته، بل نظر إلى طبيعة الشكر، و الكفران، من حيث كونهما صفتين أخلاقيتين داخلتين في تكوينه النفسي الداخلي ..
فالشكرية حالة إنسانية أخلاقية، و الكفورية حالة لا أخلاقية و لا إنسانية.
الأخلاق أساس الدين:
و نحن نعلم: أن الأخلاق هي أساس الدين، لأن الهدايات كلها: و منها الفطرية، و الإلهامية، و العقلية، و التشريعية قد تتوفر للإنسان، و لكنه- مع ذلك- لا يهتدي بهداها، و ذلك بسبب خلل أخلاقي، و نقص في المزايا الإنسانية في داخل نفسه .. ففرعون مثلا، و كذلك إبليس، قد توفرت لهما جميع أنواع الهدايات، لكن الخلل الأخلاقي المتمثل باستكبارهما و علوهما قد أوصلهما إلى الإبليسية، و إلى ادعاء الربوبية و الفرعونية، رغم أنهما يملكان أقوى الأدلة المثبتة للقضايا العقائدية. و منها رؤية المعجزات القاهرة، و معاينة الكرامات الباهرة، و البراهين العقلية، و الفطرية كلها، و لكن ذلك كله لم يؤثر في هدايته، و اختار الجحود الذي تحدث اللّه عنه حين قال: وَ جَحَدُوا بِها وَ اسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ.
و ذلك كله يعطينا: أن الكفر حالة عناد و استكبار، و خلل أخلاقي بالدرجة الأولى ..
فرق آخر بين الكفر و الشكر:
و هناك فرق آخر بين الكفر و الشكر، و هو أن من لا يعترف