فاللّه سبحانه قد تحدث إذن عن التوحيد بما له مساس بواقع الإنسان الذي يعيشه و يحس به، و يتفاعل معه بمشاعره و أحاسيسه لا بطريقة تجريدية و نظرية أو بصورة طرح معادلات فكرية جافة.
و في سورة الحمد يريد تعالى أن يطرح قضية التوحيد من موقع التعريف بصفاته تعالى، و الإحساس المباشر بآثار تلك الصفات، ثم سوق هذا الإنسان للإحساس بمدى تأثيره تعالى في كل جهات الحياة، و في جميع مفرداتها، و في كل الموجودات في هذا الكون الرحيب، مع الحرص الأكيد على أن يخرجه عن أن يبقى مجرد أمر تصوري، تجريدي و نظري؛ ليصبح شأنا حياتيا حيا مؤثرا، يفهمه الإنسان، و يتلمسه بوجدانه، و يتحسسه بمشاعره، من خلال إحساسه بالنعمة الغامرة، و بالعطاء، و بآثار الرحمة، و العلم و الغفران، و الحكمة الإلهية، و غير ذلك من صفاته تعالى.
التي يتلمس الإنسان آثارها في كل آن على مدار اللحظات، فضلا عن الساعات، في نفسه، و في كل ما يحيط به، و في كل الموجودات.