و نحن إنما نحمده من موقع العرفان بالفضل، الذي يقتضي الشكر للمنعم، لأن الإنسان حين يريد أن يتعامل مع اللّه سبحانه لا بد أن يعرفه أولا. و أعمق درجات المعرفة هي المعرفة الوجدانية. و أعمقها و أشدها تأثيرا هي تلك الناشئة من إحساس الإنسان بالنعمة التي تستلزم معرفة المنعم و المحسن، بدرجة من درجات المعرفة.
و هذا هو الشيء الذي يتعاطى معه الإنسان بوجدانية و واقعية أكثر و أعمق. حيث تتناغم المعرفة الحسية في مستواها الداني مع ما هو أرقى و أسمى منها و هي المعرفة الوجدانية و الضميرية و الفطرية، التي هي أبعد أثرا من المعرفة التصورية الفكرية، التي هي على حد المعادلات الرياضية، أو العقلية الفلسفية، أو حتى الأمور الغيبية الصرف.
إذ أن الغيب هذا إنما يدخل إليه الإنسان من خلال الحس الوجداني، من حيث ملامسته و مساسه بوجوده، و بحياته و مستقبله.
لغة القرآن في التربية العقائدية:
و لأجل هذه الحقيقة الآنفة الذكر نلاحظ: أن اللّه سبحانه في قرآنه الكريم لم يتكلم عن التوحيد، و عن اللّه، و عن الآخرة،