هنا موجودا في الواقع الخارجي، و متحققا في أفراده في أحد الأزمنة الثلاثة (فهذه قضية خارجية موجبة).
إذا قلت: كل إنسان قابل للتعليم العالي. أو قلت: من شهد أن لا إله إلا اللّه، و أن محمد رسول اللّه فهو مسلم. أو قلت: كل ماء كريّ فهو طاهر و مطهّر. أو كل من أنعم اللّه عليه فهو مهتد إلى الصراط المستقيم. أو من بلغ و هو عاقل فقد وجبت عليه الصلاة. و كذا: للّه على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا.
فموضوع الحكم في هذه الأمثلة كلها قد لوحظ وجوده في نفس الأمر و الواقع: أي أن الحكم إنما كان على الطبيعة بما لها من أفراد محققة الوجود، و مفروضة و مقدرة الوجود معا. فكلما فرض وجوده- و إن لم يوجد بعد- فهو داخل في الموضوع و يشمله الحكم. فإذا وجد فإن الحكم يثبت له بصورة تلقائية، و لا يحتاج إلى إنشاء حكم جديد.
و هذا ما نسميه بالقضية الحقيقية الموجبة.
و ما نحن فيه من هذا القبيل. فمن أنعم اللّه عليه من الأولين و الآخرين قبل نزول الآية و بعد نزولها فهو مهتد إلى الصراط.
كما أن من شهد الشهادتين فهو مسلم حتى و لو ولد بعد آلاف السنين، من هذا التاريخ، و هكذا سائر الأمثلة