نام کتاب : مصباح الأصول( طبع موسسة إحياء آثار السيد الخوئي) نویسنده : الخوئي، السيد أبوالقاسم جلد : 2 صفحه : 182
جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ...»[1] فانّ الموضوع للحجية بمفاد المفهوم هو إتيان غير الفاسق بالنبإ من دون اعتبار الجهل فيه، و كذا قوله (عليه السلام): «لا عذر لأحد في التشكيك فيما يرويه ثقاتنا»[2] فان موضوع الحجية فيه هو رواية الثقة بلا تقييد بأمر آخر، هذا هو المشهور بينهم.
و للمناقشة فيه مجال واسع، لأنّ الأدلة الدالة على حجية الأمارات و إن كانت مطلقةً بحسب اللفظ، إلّا أنّها مقيدة بالجهل بالواقع بحسب اللب، و ذلك لما ذكرناه غير مرة[3] من أنّ الاهمال بحسب مقام الثبوت غير معقول، فلا محالة تكون حجية الأمارات إمّا مطلقة بالنسبة إلى العالم و الجاهل، أو مقيدة بالعالم، أو مختصة بالجاهل. و لا مجال للالتزام بالأوّل و الثاني، فانّه لا يعقل كون العمل بالأمارة واجباً على العالم بالواقع، و كيف يعقل أن يجب على العالم بوجوب شيء أن يعمل بالأمارة الدالة على عدم الوجوب مثلًا، فبقي الوجه الأخير، و هو كون العمل بالأمارة مختصاً بالجاهل، و هو المطلوب.
فدليل الحجية في مقام الاثبات و إن لم يكن مقيداً بالجهل، إلّا أنّ الحجية مقيدة به بحسب اللب و مقام الثبوت، مضافاً إلى أنّه في مقام الاثبات أيضاً مقيد به في لسان بعض الأدلة كقوله تعالى: «فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ»[4]* فقد استدل به على حجية الخبر تارةً، و على حجية فتوى المفتي اخرى، و كلاهما من الأمارات و قيّد بعدم العلم بالواقع. فلا فرق بين الأمارات