كلا التقديرين: إمّا أن يتردّد متعلّق المتعلّق بين أمور محصورة، و إمّا أن يتردّد بين أمور غير محصورة، على ما سيأتي من الضابط لهما.
فهذه جملة الأقسام المتصوّرة في الشّك في المكلّف به المردّد بين المتباينين.
و أمّا المردّد بين الأقلّ و الأكثر: فأقسامه أيضا كثيرة يأتي تفصيلها في المقام الثاني و الأقوى في جميع الأقسام المذكورة للشكّ في المكلّف به المردّد بين المتباينين هو وجوب الموافقة القطعيّة و حرمة المخالفة القطعيّة، إلّا إذا كان هناك مانع عقليّ كما في موارد دوران الأمر بين المحذورين على ما تقدّم بيانه، أو مانع شرعي كما في موارد قاعدة الفراغ و التجاوز أو غير ذلك، و سيأتي بيانه.
الثالث:
البحث عن وجوب الموافقة القطعيّة و حرمة المخالفة القطعيّة في موارد الشّك في المكلّف به إنّما يقع بعد الفراغ عن ثبوت التكاليف الواقعيّة و إطلاق أدلّتها و عدم تقييدها بصورة العلم [1] حكما و موضوعا و بعد كون الألفاظ موضوعة للمعاني النّفس الأمريّة من غير دخل للعلم في ذلك [2] بداهة أنّ مسألة دخل العلم في معاني الألفاظ إنّما هي من المسائل اللغوية، و مسألة إطلاق الأدلّة من المسائل الفقهيّة، و البحث عنهما لا يناسب الأصولي، مع أنّ كلّا من المسألتين من المسائل الواضحة المتسالم عليها، فالمبحوث عنه في المقام إنّما هو ثبوت الرخصة الظاهريّة الّتي اقتضتها الأصول العمليّة و عدم ثبوتها مع بقاء الواقع على ما هو عليه من غير تقييد و لا نسخ و لا تصويب.
______________________________ [1] أقول: أي التفصيليّ، و إلّا فالعلم الإجمالي غير مانع عن الجريان في المقام.
[2] أقول: مع أنّ محطّ الكلام بعد الفراغ عن العلم بأيّ وجه بلا احتياج إلى النزاع في مسألة أخرى، كما هو واضح.