ظهور الكلام، بل لا بدّ من إحراز عدم القرينة المنفصلة و لو بالأصل [1] و في المورد الّذي لم يتعلّق الغرض باستخراج واقع مراد المتكلّم يكتفى بظهور الكلام، كما إذا كان صدور الكلام لأجل البعث و الزجر و تحريك إرادة العبد نحو المؤدّى، فانّ العبد ملزم بظاهر الكلام و ليس له الاعتذار باحتمال وجود القرينة المنفصلة على خلاف ما يقتضيه ظاهر الكلام، كما أنّه ليس للمولى إلزام العبد بغير ظاهر كلامه.
و بالجملة: المتّبع في مقام الاحتجاج و الاعتذار نفس ظهور الكلام لا غير، و قد تقدّم تفصيل ذلك في حجّيّة الظن.
إذا عرفت ذلك فاعلم: أنّه إذا ورد عامّ و خاصّ فالخاصّ لا يخلو: إمّا أن يكون قطعي السند و الدلالة، كالنصّ المتواتر أو المحفوف بالقرائن القطعيّة. و إمّا أن يكون ظنّي السند و الدلالة، كالخبر الواحد الظاهر في المؤدّى. و إمّا أن يكون قطعي السند و ظنّي الدلالة، كالمتواتر الظاهر في المؤدّى. و إمّا أن يكون ظنّي السند و قطعي الدلالة، كالنصّ من الخبر الواحد. فهذه جملة ما يتصوّر من أقسام الخاصّ.
فان كان قطعي السند و الدلالة: فلا إشكال في تخصيص العامّ به، و لا مجال لجريان أصالة الظهور في طرف العامّ، لأنّ الخاصّ رافع لموضوعها، للعلم بأنّ العموم ليس بمراد، فالخاصّ يكون واردا على أصالة العموم.
بل يمكن أن يقال: إنّ مؤدّى الخاصّ يكون خارجا عن مفاد أصالة الظهور بالتخصص لا بالورود، لما عرفت: من أنّ ورود أحد الدليلين على الآخر إنّما
______________________________ [1] أقول: إذا تعلق الغرض باستخراج واقع المراد كيف يكتفي بأصالة عدم القرينة؟ بل لا محيص له من تحصيل الجزم بعدمها، كيف! و الأصل المزبور لا يجدي إلّا عذرا في المخالفة، و هذا العذر موجود في الأخذ بالظهور على غرضه، مع ان محط البحث تعين ما هو الحجة، و ليس أحد الحجّتين أقوى من الآخر في الكشف عن الواقع كي يختصّ الحجية به، فتدبر.