و ثالثة: يستفاد من دليل الحكمة و مقدمات الإطلاق، و ذلك إنّما يكون إذا لزم من عدم العموم الزماني في لغويّة الحكم و خلوّ تشريعه عن الفائدة، كما في قوله تعالى: «أوفوا بالعقود»[1] فانّه لو لم يجب الوفاء بالعقد في كلّ زمان يلزم لغويّة تشريع وجوب الوفاء بالعقود، لأنّه لا فائدة في وجوب الوفاء بها في الجملة و في آن ما. و لقد أجاد المحقّق الكركي رحمه اللّه فيما أفاده من قوله: إنّ العموم الأفرادي في قوله تعالى: «أوفوا بالعقود» يستتبع العموم الزماني، و إلا لم ينتفع بعمومه الأفرادي.
و بالجملة: كما أنّه قد يستفاد العموم الأفرادي من دليل الحكمة، كقوله تعالى: «أحلّ اللّه البيع»[2] حيث إنّ إطلاقه بقرينة الحكمة يدلّ على حلّيّة كلّ فرد من أفراد البيع- لأنّه لا معنى لحلّيّة فرد مردّد من البيع- كذلك قد يستفاد العموم الزماني من الإطلاق بقرينة الحكمة [1].
الأمر الرابع:
مصبّ العموم الزماني تارة: يكون متعلّق الحكم، و أخرى:
يكون نفس الحكم، بمعنى أنّه:
تارة: يلاحظ الزمان في ناحية متعلّق التكليف و الفعل الصادر عن المكلّف، كالوفاء و الإكرام و الشرب و نحو ذلك من متعلّقات التكاليف الوجوديّة أو العدميّة، فتكون آنات الزمان قيدا للوفاء و الإكرام و الشرب، أي يكون الوفاء أو الإكرام في كلّ آن معروض الوجوب و شرب الخمر في كلّ آن معروضا للحرمة، سواء كان العموم الزماني على وجه العامّ الأصولي أو العامّ المجموعي.
______________________________ [1] أقول: يمكن ان يقال في هذه الأمثلة: ان الزمان أخذ لبيان مقدار الاستمرار و أمده، لا انه مأخوذ قيدا في الحكم أو الموضوع بأحد النحوين، كما لا يخفى.