الشديدة إلى المرتبة الضعيفة فيكون المتيقّن بهويّته و حقيقته محفوظا، غايته أنّه سلب عنه حدّ و تلبّس بحدّ آخر، هذا إذا علم بالتبدّل.
و أمّا إذا احتمل التبدّل إلى مرتبة أخرى بعد العلم بزوال المرتبة السابقة، فيحتمل بقاء المتيقّن بهويّته و حقيقته، فيجري فيه الاستصحاب، لاتّحاد القضيّة المشكوكة مع القضيّة المتيقّنة عقلا و عرفا، لانحفاظ وجود الكلّي في جميع المراتب حقيقة، لأنّ نحو وجود السواد في السواد الشديد و في السواد الضعيف واحد لا يختلف، و ليس السواد الشديد و الضعيف كزيد و عمرو، بحيث يكون وجود الإنسان في ضمن زيد نحوا يغاير وجوده في ضمن عمرو عقلا و عرفا، فاستصحاب بقاء الكلّي في الوجه الثالث من القسم الثالث يكون كاستصحاب بقاء الكلّي في القسم الثاني من حيث وحدة القضيّة المشكوكة مع القضيّة المتيقّنة عقلا و عرفا، و ان أبيت عن الاتّحاد العقلي فيما نحن فيه مع أنّه لا سبيل إليه، فلا أقلّ من الاتّحاد العرفي و هو يكفي في صحّة الاستصحاب.
و يتفرّع على ذلك استصحاب بقاء كون الشخص كثير الشكّ عند العلم بزوال ما كان واجدا له من المرتبة و الشكّ في زوال وصف الكثرة بالمرّة أو تبدّلها إلى مرتبة أخرى أضعف أو أقوى من المرتبة الزائلة، فيجري استصحاب بقاء الكثرة و يترتّب عليه أحكام كثير الشكّ: من عدم بطلان الصلاة إذا كان الشكّ في الصلاة الثنائيّة أو الثلاثية أو الأوليين من الرباعيّة و من البناء على الأكثر إن كان في الأخيرتين من الرباعيّة، و غير ذلك من الأحكام المترتّبة على الشكّ، و ربّما يقف المتتبّع على فروع أخر، فتأمّل جيّدا.
ثمّ: إنّه يلحق بالوجه الثالث من القسم الثالث من أقسام الاستصحاب الكلّي الاستصحابات الجارية في الزمان و الزمانيّات المبنيّة على التقضي و التصرّم، كالتكلّم و الحركة و نحو ذلك، و سيأتي تفصيل الكلام فيه (إن شاء اللّه تعالى).