في أنّ العقل يدرك حسن الأشياء و قبحها و لو موجبة جزئية و في بعض الموارد، و لا ندّعي الكلّية و لا يمكن دعواها، بل نتكلّم في قبال السلب الكلي الّذي عليه بعض الأشاعرة.
الجهة الثانية:
في الملازمة بين حكم العقل و حكم الشرع، بمعنى أنّه في الموارد الّذي استقل العقل بحسن شيء أو قبحه فعلى طبقه يحكم الشرع بوجوبه أو حرمته، و هو المراد من قولهم «كلّما حكم به العقل حكم به الشرع» و قد أنكر هذه الملازمة بعض الأخباريّين، و تبعهم بعض الأصوليّين ك «صاحب الفصول» حيث أنكر الملازمة الواقعية بين حكم العقل و حكم الشرع و التزم بالملازمة الظاهرية، بدعوى أنّ العقل و إن كان مدركا للمصالح و المفاسد و الجهات المحسّنة و المقبّحة، إلّا أنّه من الممكن أن تكون لتلك الجهات موانع و مزاحمات في الواقع و في نظر الشارع و لم يصل العقل إلى تلك الموانع و المزاحمات، إذ ليس من شأن العقل الإحاطة بالواقعيات على ما هي عليها، بل غاية ما يدركه العقل هو أنّ الظلم مثلا له جهة مفسدة فيقبح و الإحسان له جهة مصلحة فيحسن، و لكن من المحتمل أن لا تكون تلك المفسدة و المصلحة مناطا للحكم الشرعي لمقارنتها بالموانع و المزاحم في نظر الشارع، فربّما تكون مصلحة و لم يكن على طبقها حكم شرعي، كما يظهر من قوله صلّى اللّه عليه و آله «لو لا أن أشقّ على أمتي لأمرتهم بالسواك»[1] و قوله صلّى اللّه عليه و آله «إنّ اللّه سكت عن أشياء و لم يسكت عنها نسيانا» الخبر[2] فانّ الظاهر منه هو أنّه (تعالى) سكت
[1] بحار الأنوار: كتاب الطهارة باب سنن الوضوء و آدابه الحديث 17 ج 80 ص 340.