الحكومة في الجميع تكون حكومة ظاهرية و من شئون حكومتها على الواقعيات، و نحن قد استقصينا الكلام في ذلك في خاتمة الاستصحاب فراجع [1] هذا تمام الكلام في أقسام القطع و أحكامها و أمّا الظن: فمجمل الكلام فيه، هو أنّ الظن ليس كالعلم حجيته منجعلة و من مقتضيات ذاته، بل لا بد و أن تكون حجيته بجعل شرعي.
و ما يقال: من أنّ الظن في حال الانسداد على الحكومة يكون حاله كالعلم لم تكن حجيته بجعل شرعي بل عقلية محضة و ليس موردا لحكم شرعي- و لو بقاعدة الملازمة- فضعيف غايته، فإنّ الظن لا يكون حجة عقلية في شيء من الحالات، و لا تكون منجعلة كالعلم، و اعتبار الظن في حال الانسداد بناء على الحكومة ليس معناه حجية الظن عقلا بحيث يقع في طريق إحراز الواقعيات و إثبات التكاليف به، بل معناه كفاية الامتثال الظني في الخروج عن عهدة التكاليف المعلومة إجمالا، فالحكم العقلي واقع في طريق الامتثال و الإطاعة، لا في طريق الإثبات و الإحراز حتى يكون الظن حجة عقلية، و سيأتي توضيح ذلك مفصلا (إن شاء اللّه تعالى) في محلّه [2] و بالجملة: حجية الظن لا تكون منجعلة في شيء من الحالات، بل إمّا أن يكون حجة شرعية، و إمّا أن لا يكون، و لا ثالث لهما ثم ما يكون حجة شرعية لإثبات متعلقه و واقعا في طريق إحرازه تارة:
يؤخذ موضوعا لحكم آخر غير حكم متعلقه لا يضاده و لا يماثله، كما إذا قال «إذا ظنت بعدد ركعات الصلاة يجب عليك التصدق» حيث إنّ الظن الّذي هو حجة في عدد ركعات الصلاة و محرز لها شرعا أخذ موضوعا لوجوب
______________________________ [1] أقول: و لقد راجعنا إلى الاستصحاب، فما كان هناك شيء زائد عما هنا.
[2] أقول: هذا المشرب يرجع إلى التبعيض في الاحتياط، و سيجيء (إن شاء اللّه) أنّ ذلك لا يناسب مع كثير من الشبهات المتعلقة بدليل الانسداد أيضا.