و الظاهر: انّ الغاية قيد للحكم، إلّا ان تقوم قرينة على خلافه، لأنّ قوله عليه السلام: كل شيء لك حلال حتى تعرف الحرام، مع قوله[1] عزّ اسمه):
و أتمّوا الصيام إلى الليل- بنسق واحد. فكما انّ الحكم لو جعلت غايته المعرفة تكون الغاية قيدا للحكم، فكذلك سائر الأمثلة التي جعلت فيها الغاية غاية بعد اسناد المحمول إلى موضوعه.
و كون الغاية قيدا للموضوع- و أخرت عن الجملة لعدم إمكان تقديمها- لا يصغى إليه، لإمكان تبديل هذا التركيب إلى آخر بان يقال: الصيام إلى الليل أتمه، و السير من البصرة إلى الكوفة أوجده، فجعل الغاية بعد اسناد المحمول إلى الموضوع كاشف عن رجوعها إلى الجملة، لا إلى مفردات الكلام.
و بالجملة: ظاهر القضيّة بحسب القواعد العربيّة رجوع الغاية إلى اسناد المحمول إلى الموضوع، فكأنّه جعل وجوب إتمام الصيام مغيا بغاية الليل، فيقتضى رجوع الغاية إلى الحكم انتفائه عمّا بعد الغاية، و ينفى ثبوت حكم آخر من سنخ هذا الحكم للّيل.
الفصل الرابع: في مفهوم الحصر
لا يخفى: انّ النّزاع فيه أيضا يرجع إلى انّ الحصر حصر للحكم، أو للموضوع.
و لا إشكال في انّ مثل (إلّا) يفيد حصر الحكم في المستثنى منه و إخراج المستثنى عنه بعد الإسناد. و ما نقل عن نجم الأئمة: انّ رفع التناقض المتوهم في باب الاستثناء منحصر بان يخرج المستثنى قبل الإسناد، كلام لا ينبغي صدوره عن جنابه، لأنه لا تناقض أبدا بين المستثنى منه و المستثنى حتّى يتوقف رفعه على جعل الإخراج قبل الإسناد، لأنّ الكلام يحمل على ما هو ظاهر فيه بعد تماميته بمتمّماته: من لواحقه و توابعه، بل لو عوّل المتكلم على بيان مرامه بقرينة منفصلة لا تعد القرينة مناقضة لذي القرينة.