الحركة من القوة إلى الفعل، لا بمعنى الحركة من العدم إلى الوجود، كما ذهب إليه بعض الأوهام، بل المراد الحركة في عالم المفهومية، حيث انّ المبدأ خرج عن اللاتحصّلية و تحرك من القوة إلى التّحصلية و الفعلية، فالمراد من المسمّى هو مبدأ الاشتقاق، و الفعل بجملته يظهر و ينبأ عن حركة ذلك المسمّى من القوّة إلى الفعليّة، و من اللاتحصّلية إلى التحصّلية في عالم المفهوميّة، حيث كان غير متحصّل فصار بواسطة هيئة الفعل متحصّلا فتأمل، في المقام فانّه بعد يحتاج إلى مزيد توضيح.
المقام الثّاني: في عموم الموضوع له و خصوصه
و الأقوال فيه ثلاثة قول: بأنّ كلّا من الوضع و الموضوع له و المستعمل فيه في الحروف عامّ.
و قول: بأنّ الوضع و الموضوع له عامّ و المستعمل فيه خاصّ.
و قول: بأنّ الوضع عامّ و الموضوع له و المستعمل فيه خاصّ.
و قبل تحقيق الحال ينبغي تمهيد مقدّمة لتحرير محلّ النّزاع، و بيان الفارق بين الكليّة و الجزئية المبحوث عنهما في الحروف، و الكلّيّة و الجزئية الّتي تتصف الأسماء بهما.
و حاصل المقدّمة:
هو انّ ما يقال في تفسير الكلّية و الجزئية: من انّ المفهوم من انّ امتنع فرض صدقه على كثيرين فجزئيّ و إلّا فكلّي، انّما يستقيم في المفاهيم الاسمية، و امّا المعاني الحرفية، فلا يمكن اتصافها بالكلية و الجزئية بهذا المعنى، لما عرفت: من انّه ليس للحروف مفاهيم متقرّرة يمكن لحاظها، حتّى يحكم عليها بامتناع الصّدق و عدم الامتناع، بل الحروف انّما وضعت لإيجاد المعاني في الغير في موطن الاستعمال، من دون ان يكون لها وعاء غير وعاء الاستعمال، و من المعلوم انّ وصف الشّيء بامتناع فرض صدقه على كثيرين و عدم امتناعه، انّما هو بعد تقرّر ذلك الشّيء في وعاء من الأوعية، و المعنى الحرفي لم يكن له تقرّر إلّا في وعاء الاستعمال، فلا معنى لأن يتّصف بامتناع فرض صدقه على كثيرين و عدم امتناعه.
و الحاصل: انّ الشّيء الموجود الخارجي بما انّه موجود خارجيّ لا يتّصف