و على هذا فيقع البحث في مقامين؛ إذ في كل واحد من الصور، تارة يرجع صاحب المال إلى المضارب و أخرى إلى العامل.
المقام الأوّل: في رجوع المالك على المضارب؛ ففي هذه الصورة لا يجوز للمضارب الرجوع على العامل كما قاله السيد اليزدي رحمه الله، و وجّهه المحقق الخوئي رحمه الله؛ بأن العامل قد أخذ المال منه على أن لا يكون له حق الرجوع عليه عند تلفه عنده بغير تفريط و تعدية، فالعامل غير مسئول في قبال الدافع في غير هاتين الحالتين و هما التفريط و التعدية.[1] و لا يخفى عليك ضعف هذا الوجه؛ لأن العامل في الفرض الأوّل و الرابع أخذه من المضارب مع علمه بأنه مال الغير و لا يجوز أخذه منه، فلا يبقى اعتبار بنيته و قصده بأنه يأخذه بلا ضمان، خصوصاً في الفرض الرابع؛ لأنّ الفرض فيه جهل المضارب و علم العامل.
و لو تأملنا في الرجوع فيما إذا كان المضارب و العامل جاهلين، فلا تأمل و لا إشكال في أنه يجوز للمقارض المراجعة إلى العامل في الفرض الرابع؛ لجهل المضارب و علم العامل بأن المال ليس للمالك، و أخذه منه لا يكون إلّا غصباً، فتلفه عنده موجب لاستقرار الضمان عليه، بل يمكن أن يقال: إن المضارب مغرور من قبل العامل؛ لأنّ المضارب لو كان عالما لعلّه لا يقدم بذلك و العامل مع علمه لم ينبّهه بذلك. اللهم إلّا أن يقال: إن العامل ما غَرّ المالكَ، بل جهله من نفسه و لا يجب على العامل تنبيهه و إرشاده؛ لأنّه موضوع من الموضوعات و يجب إرشاد الجاهل في الشبهة الحكمية لا الموضوعية.
المقام الثاني: في رجوع المالك على العامل؛ ففي هذه الصورة يرجع العامل على المضارب في الفرض الثاني و الثالث دون الفرض الأوّل و الرابع؛ لأنّه أخذه فيهما مع علمه بغصبيته و ضمانه. و إنّما الكلام في وجه رجوعه على المالك من أنه هل هو التغرير من قبل