[الخامسة:] قبول اليد الداخليّة بعد القضاء بالخارجيّة
قال الشيخ رحمه الله: «إذا ادّعى زيد شاة في يدي عمرو فأنكر و أقام زيد البيّنة أنّ الشاة له و ملكه، حكمنا له بها، لأنّ بيّنته أولى من يد عمرو، فإن أقام عمرو البيّنة بعد هذا أنّ الشاة ملكه، نقض الحكم و ردّت الشاة إلى عمرو، لأنّ عمراً كانت له اليد و لزيد بيّنة بغير يد و قد ظهر أنّه كان لعمرو مع يده بيّنة. فظهر أنّ بيّنة عمرو الداخل و بيّنة زيد الخارج، و بيّنة الداخل أولى، فلهذا قضي بها لعمرو دون زيد.»[1] أقول: يظهر من كلامه أنّ وجه ما قاله رحمه الله هو القضاء لصاحب اليد مع التعارض، خلافاً للمشهور كما أوّله المحقّق رحمه الله على ذلك. و لو كان كذلك، يرد عليه أنّه لو كانت بيّنة ذي اليد موجودة من الأوّل قبل الحكم، و كانت متعارضة مع بيّنة المدّعي، لكان له وجه. و لكنّ الأمر ليس كذلك، لأنّ المفروض أنّه أقامها بعد الحكم، و لم يبق محلّ لإقامته البيّنة بعد الحكم حتّى تتعارض مع بيّنة المدّعي و تتقدّم عليها.
و يحتمل، أن يكون وجهه تقديم بيّنة الخارج على الداخل، و حيث إنّ عمراً بعد تسليم الشاة ليس بصاحب يد، فيقضى له بمقتضى بيّنته. نعم، لو كانت البيّنة موجودة قبل الحكم، لم تكن حجّة، لكونها بيّنة صاحب يد. و قد انعكس الأمر، و صارت يده الآن خارجة، فوجد له بيّنة، فتعاد الشاة بمقتضاها.
و على هذا فإنّ مبناه يكون غير ما أوّله المحقّق رحمه الله. و هذا الاحتمال خلاف ظاهر كلامه إذ عنده أنّ بيّنة عمرو بيّنة الداخل.