الأولى مترتّبة على الصورة الثانية، فاحتيج إلى البحث عنها أوّلًا ثمّ عن الصورة الأولى.
و أمّا الصورة الثالثة فلا يخفى معلوميّة حكمها إذ يحكم لمن كان له البيّنة، سواء كان هو المؤجر أو المستأجر.
الأمر الأوّل: في الاختلاف في مقدار الأجرة مع عدم البيّنة
قسّم الشيخ رحمه الله مسألة الاختلاف في مقدار الأجرة إلى ثلاث موارد: تحالفهما بعد المدّة و في أثنائها و عقيب العقد، و ذهب إلى سقوط المسمّى و لزوم أجرة المثل إذا كان التحالف بعد المدّة، و أمّا إذا كان عقيب العقد فقال على ما يستفاد من كلامه في المبسوط: ينفسخ العقد بالتحالف و حكم الحاكم ظاهراً لا باطناً، و إذا وقع الفسخ أخذ المكري داره و المكتري أجرته، و إذا كان التحالف في أثناء المدّة، انفسخ كما مرّ فيما بقي من المدّة و يأخذ المكري ما بقي من المنفعة، و يردّ على المكتري المسمّى، و عليه أجرة المثل للمكري لما مضى من المدّة.[1] و يظهر منه القول بالتحالف و ثبوت أجرة المثل إذا مضت مدّة من الإجارة.
و في كتاب مزارعة الخلاف ذهب إلى استعمال القرعة، فمن خرج اسمه حلف و حكم له به لإجماع الفرقة على أنّ كلّ مشتبه يردّ إلى القرعة[2]، و لكن عنون المسألة هنا في مطلق موارد اختلاف المكتري و المكري في قدر الأجرة لا خصوص عدم البيّنة، و في موضع من كتاب المبسوط قال: «إذا اختلفا في قدر المنفعة ... أو في الأجرة، قال قوم:
تحالفا و قال قوم: إن كان قبل مضيّ المدّة، تحالفا و إن كان بعدها في يد المكتري،
[1]- المبسوط، ج 8، ص 263؛ ثمّ إنّه وقع تصحيف في كلمة« تحالف» إذ طبعت« تخالف» بالخاء المنقوطة فتدبّر.