دليل المسألة، هو صحيحة منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «قلت: عشرة كانوا جلوساً و وسطهم كيس فيه ألف درهم، فسأل بعضهم بعضاً: أ لكم هذا الكيس؟ فقالوا كلّهم: لا، و قال واحد منهم: هو لي فلمن هو؟ قال: للذي ادّعاه»[1] و الرواية صحيحة في نقل الشيخ رحمه الله مرسلة في نقل الكليني رحمه الله فراجع.
و نقول هنا: لا يخفى عليك أنّ مفاد الخبر لا يصلح أن يكون دليلًا تعبّديّاً محضاً، بل هو سلوك و إجراء عقلائي، يلجأ إليه جميع العقلاء في هكذا حالات.
و الشاهد لمثله، هو أنّ كلّ من ينظر إلى أفعاله، في الحضر أم في السفر، يرى نفسه أنّه لا يعمل بغير ذلك، و في سائر الموارد الكثيرة المشابهة لما ذكرنا.
فمثلًا، من رأى أحداً جاء إلى سيّارة، ففتح بابها ثمّ ركبها، و رأى آخر قد أخذ السلعة من الطريق و مضى في سبيله، إنّ الرائي يقول: ذاك كان صاحب السيارة، و الآخر كان صاحب السلعة؛ إلّا أن يكون مثل ذلك التصرّف، مدعاة لمظنّة السرقة، و ذلك عند ما يأتي في ذات الوقت شخص، فيدّعي بأنّه هو صاحب السيّارة، أو صاحب السلعة، فيحتاج الأمر معه إلى التحقيق و القضاء.
أجل، هذا هو المسلك العقلائي، و هو الذي لولاه لاختلّت أمور الحياة. و يشهد لذلك ما قاله منصور بن حازم للصادق عليه السلام في كيفيّة المحاجّة مع الناس، قال المنصور: «... فقلت لهم: من قيّم القرآن؟ فقالوا: ابن مسعود قد كان يعلم و عمر يعلم و حذيفة يعلم. قلت: كلّه؟
[1]- وسائل الشيعة، الباب 17 من أبواب كيفيّة الحكم، ح 1، ج 27، صص 273 و 274.