و حجّة التفصيل أنّ القسمة إن اشتملت على ردّ فإنّها مشتملة على المعاوضة فلا بدّ من التراضي بعدها كما في الابتداء.
أقول: الحقّ هو القول بعدم الاشتراط مطلقاً، لأنّ ظاهر دليل القرعة من أنّها لكلّ أمر أو مشكل مجهول[1]، رفع الإشكال بها من دون احتياج إلى أمر آخر، مضافاً إلى كفاية الرضا السابق، كما في سائر العقود و المعاوضات. فلا دليل للتفصيل لأنّ مجرّد كون الشيء يشتمل على معاوضة، لا يقتضي اشتراط الرضا بعده، بل مقتضى عموم أو إطلاق أدلّة الوفاء بالعهود نحو «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ»[2] و «المسلمون عند شروطهم»[3]، عدم اشتراط الرضا بعد القرعة.
المطلب الخامس: في اشتراط القرعة في القسمة
هل القسمة تتحقّق بنفس التراضي من دون حاجة إلى القرعة، أم تعتبر القرعة في القسمة؟
قال الشهيد الثاني رحمه الله: «بل ينبغي أن يتعيّن بتراضيهما على القسمة و تخصيص كلّ واحد من الشركاء بحصّته و إن لم تحصل القرعة، كما تصحّ المعاطاة في البيع ... أمّا القسمة، فإنّها مجرّد تمييز أحد النصيبين عن الآخر، و ما يصل إلى كلّ منهما هو عين ملكه لا عوضاً عن الآخر، فيكفي تراضيهما عليها مطلقاً.»[4] و به قال أيضاً في الروضة[5] كما قاله الشهيد الأوّل رحمه الله في اللمعة و العلّامة رحمه الله في القواعد[6].
[1]- راجع: وسائل الشيعة، الباب 13 من أبواب كيفيّة الحكم، ح 27، صص 257- 264.