المراد منه أنّ الشاهدين لا يكفي شهادتهما إجمالًا فيلزم عليهما تفصيل الواقعة، إمّا بلفظهما أو بقراءة الحاكم الثاني الكتاب المشتمل على الحكم عليهما فلذلك قال المصنّف رحمه الله: «و صورة الإنهاء أن يقصّ الشاهدان ما شاهداه من الواقعة و ما سمعاه من لفظ الحاكم و يقولا: و أشهدنا على نفسه، أنّه حكم بذلك و أمضاه و لو أحالا على الكتاب بعد قراءته و قالا: أشهدنا الحاكم فلان على نفسه أنّه حكم بذلك جاز. و لا بدّ من ضبط الشيء المشهود به بما يرفع الجهالة عنه و لو اشتبه على الثاني، أوقف الحكم حتّى يوضحه المدّعي.»[1] أقول: قد عرفت أنّ جملة من ذلك مبنيّ على الاحتياط و لحصول اليقين، و الأمر في هذه الشهادة كغيرها من الشهادات كما قال المحقّق النجفي رحمه الله[2]، و لا بدّ من أن يكون الحكم الذي تشهد به البيّنة، مضبوطاً معيّناً بحيث ترتفع الجهالة عنه.
و في الختام أقول: بعد ما قرأت كلام المحقّق رحمه الله في هذا المجال فلا يخفى عليك أنّ في كلامه رحمه الله مواقع للنظر، و قد بحثوا فيه شرّاح الشرائع رحمهم الله فتناولوه بالنقد و التعقيب، نقضاً و إبراماً بما لا مزيد عليه، و لكنّ الذي ينبغي أن نلفت النظر إليه هنا، هو أنّ جميع ذلك ليس أمراً تعبّديّاً شرعيّاً و لا مورداً للخلاف و النقض و الإبرام، و إنّما هو تمحّلات و طرق ذكرها المعقّبون لبيان الطريق في أمور يتوهّم أنّها معوّقات في طريق القضاء.
نعم، إنّ هذه الطرق كانت كذلك في العهود القديمة التي لم تكن فيها وسائل حلّ المشاكل و الأزمات متوفّرة، فهي لم تكن منظّمة بحيث لا ينفى معها مورد للشبهة و التردّد.