أقول: أمّا في أصل الحكم فما ذاك إلّا حذراً من احتمال تضييع الوقت بإطالة السكوت؛ الأمر الذي يؤدّي إلى تأخير القضاء أو تعطيله في بعض الأحيان و عدم فراغ القاضي للحكم في الدعاوي الأخر.
ثمّ إنّ ظاهر العلّامة رحمه الله في التحرير و الشيخ رحمه الله في المبسوط على تحريم مواجهة القاضي بالخطاب لأحدهما دون الكراهة و هو موافق لإيجاب التسوية مطلقاً و المحقّق رحمه الله عبّر بالكراهة مع أنّه أوجب التسوية في الكلام سابقاً و لعلّه إمّا أن يكون استثناءً من وجوب التسوية عنده أو كونه غير منافٍ لذلك. و بعد عدم وجوب التسوية مطلقاً عندنا فالقول بالكراهة وجيه و المتّجه في التسوية الاقتصار على المتيقّن الذي هو زيادة أحدهما على الآخر بالخطاب على وجه يقتضي ظهور الميل إليه و إرادة الحكومة له و نحو ذلك ممّا يجرّ إلى التهمة و نحوها[1].
[1]- راجع: جواهر الكلام، ج 40، ص 145- مسالك الأفهام، ج 13، ص 430.